تلمذة مع المسيح
عالى الكاهن N90rrh8femc2


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تلمذة مع المسيح
عالى الكاهن N90rrh8femc2
تلمذة مع المسيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» قداس ابونا بيشوي علي قناة c t v
عالى الكاهن I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 11:55 pm من طرف naderegyptair

» ترنيمة يا يسوع تعبان
عالى الكاهن I_icon_minitimeالخميس مارس 15, 2012 8:56 am من طرف زهرة المسيح

» هااااااااااااااااااام جدااااااااااااااااااااااااااااا
عالى الكاهن I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:17 pm من طرف البابا كيرلس

» جسد القديس العظيم ماسربل
عالى الكاهن I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:12 pm من طرف البابا كيرلس

» يسوع باعت رساله لاولاده النهارده
عالى الكاهن I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:59 pm من طرف البابا كيرلس

» ارجو الصلاه من اجل البابا
عالى الكاهن I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:50 pm من طرف البابا كيرلس

» لماذا اختار المسيح ان يموت مصلوبا
عالى الكاهن I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:41 pm من طرف البابا كيرلس

» هل يوجد حلال وحرام فى المسيحية
عالى الكاهن I_icon_minitimeالأربعاء مارس 07, 2012 8:06 pm من طرف البابا كيرلس

» عارفة يعني إيه إحنا أصحاب ؟
عالى الكاهن I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 8:51 pm من طرف Admin


عالى الكاهن

اذهب الى الأسفل

عالى الكاهن Empty عالى الكاهن

مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 07, 2011 12:48 am


مقدمة
في الحياة كثير من العلامات، يقرؤها الإنسان دون أن تكتب بقلم أو حبر،. كانت أول علامة عرفها الإنسان هي التي أعطاها الله لقايين المذعور الخائف، لكي لا يقتله كل من وجده،.. ويظن البعض أنها كانت رسماً على جبهته أو في وجهه يحذر الآخرين من قلته!!.. كانت هناك علامة أخرى وضعها الله أمام نوح، علامة ميثاق في قوس قزح، ينشره قبل كل مطر ليؤكد للإنسان أنه لن يعود ليدمر الأرض بالطوفان مرة أخرى،.. وهناك علامة الدم في القول: "أرى الدم وأعبر عنكم" وهي علامة الصليب للحياة في الفداء المجاني الذي جاء به المسيح سيدنا مخلص العالم إلى الأرض!!.. وهناك علامة الشفاء طلبها الملك حزقيا عندما سقط فريسة المرض القاتل وقال لله: "ما العلامة أن الرب يشفيني"؟… وهناك علامة الغدر البشعة التي بها سلم يهوذا المسيح: “والذي أسلمه أعطاهم علامة قائلاً الذي أقبله هو هو.. امسكوه”.. وهناك علامة النصر، قيل إن الملك قسطنطين رآها في الجو في هيئة صليب، وسمع صوتاً يقول: بهذا ننتصر!!.. هذه وغيرها من العلامات ذات المعاني المختلفة والمغازي المتعددة،.. فما هي العلامة التي وضعها الله أمام عالي الكاهن؟؟ لو صح أن نسميها لأطلقنا عليها "العلامة السوداء" إذا كانت علامة القضاء الإلهي الرهيب على ولديه وبيته وشعب الله،.. وللأسف فإن هذه العلامة جاءت لرجل، كان -في حد ذاته- طيباً وأميناً، لكنه ترك الحبل على الغارب لولديه، اللذين فسدا، وعاثا فساداً في كل شيء!!.. في الحقيقة إنها راية سوداء، يجمل بكل مؤمن أن يراها، وعلى وجه الخصوص خدام الله الذين يعظون الآخرين، دون أن يعظوا بيوتهم وأقرب الناس إليهم، وهم في حاجة دائمة إلى كلمة المسيح: "أيها الطبيب اشف نفسك"!!.. من يكون عالي وما هي القضية التي يبرزها أكثر من غيره، ونحن ندرس شخصيات الكتاب المقدس؟؟ هذا ما أريد متابعته فيما يلي:
عالي من هو
لم يكن عالي من نسل العازار الابن الأكبر لهرون، ولكنه كان من نسل إيثامار انبة الأصغر، ولا نعلم كيف كان رئيس الكهنة وهل لم يكن في ذلك الوقت من يصلح من نسل العازار لرئاسة الكهنة؟!! على أي حال لقد وجد صادوق من نسل ألعازار وأبيثار من نسل إيثامار أيام داود، ومع أننا لا نعلم الكثير عن أيامه الأولى، وهل كان في صدر الشباب من الشخصيات البارزة القوية، وهل عدت عليه الأيام، والشيخوخة، فلم تعد له القوة القديمة،.. غير أن الرجل -على أي حال والذي عاش إلى الثامنة والتسعين من عمره فإنه في حد ذاته رجلاً مخلصاً لخدمته، لم يمسه شخصياً ما يشير من قرب أو بعد إلى عيوب خلقية، أو امتهان لكرامة الخدمة، بل نحن نراه إلى اللحظة الأخيرة الرجل الذي يجلس على كرسيه وقد قامت عيناه وأنه لم يعد يبصر، وقلبه متحرك نحو تابوت الله، أكثر من تحركه نحو ولديه في المعركة، ولم يتستطع تحمل أسر التابوت، فسقط من فوق كرسيه لتكسر رقبته ويموت. قد عاش قاضياً وكاهناً لإسرائيل مدة أربعين عاماً، ومن الصعب أن تصفه بشيء أكثر من أنه الكاهن اللين العريكة، المستسلم، المخلص لعمله الكهنوتي، دون أن يكون الرجل الحازم الصلب الإرادة القوي التصرف!!..
قال السيد المسيح: ليكن كلامكم نعم نعم.. لا لا، وما زاد على ذلك فهو من الشر -ومن مأساة عالي أنه الرجل الذي يستطيع أن يقول "نعم نعم، دون أن يتمكن من القول: لا لا"!!.. وحتى عندما سمع قضاء الله على بيته وأولاده، القضاء الذي جاء على لسان صموئيل كان جوابه: هو الرب، ما يحسن في عينيه يعمل!!.. كان على عالي -وهو الرجل الطيب- أن يعلم أن الطيبة وحدها لا تصنع القائد العظيم، والإنسان الكامل،.. وأنه مهما يكن الإنسان طيباً، فإنه ستأتي عليه ساعة يلزم أن يقول بكل قوته: لا لا.. قالها يوسف عندما واجهته التجربة العظيمة، فصاح في وجهها: "لا لا".. كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطيء إلى الله.. وقالها موسى عندما وقف على مفترق الطرق، وأبى أن يدعى ابن ابنة فرعون، مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر!!.. وقالها دانيال عندما وضع في قلبه ألا يتنجس بأطايب الملك وبخمر مشروبه، وقالها الثلاثة فتية: عندما طلب منهم أن ينحنوا لتمثال الذهب الذي صنعه نبوخذنصر.. وما أكثر الذين عرفوا في كل عصور التاريخ أن يقولوها لكل تجربة أو فساد أو خطية وقفت في طريقهم، طريق الحق والصدق والحياة. قيل عن شاب إنجليزي كان يملك مصنعا من أكبر مصانع البيرة في انجلترا، وكانت له حانات كثيرة للخمور، .. ولكن نعمة الله عملت في قلبه فقبل يسوع المسيح، وابتدأ يجول مبشراً ومنادياً بكلمة الخلاص، وذات يوم رأى فتاة مسكينة تدعو زوجها السكير من حانة من الحانات التي تتبعه، وتتطلب منه مالاً لأجل طعامها وأولادها، فما كان من الرجل إلا أن خرج من الحانة، ورفصها بقدمه لتسقط في ترعة أمام الحانة،.. وتطلع الشاب إلى أعلى الحانة، ورأى اسمه مكتوباً بحروف ذهبية في أعلاها،.. وأدرك كم هو مسئول عما حدث.. وقال: إن الرجل وهو يرفص امرأته إلى الترعة، لم يعلم أنه جعلني أرفص مليوناً وربعاً من الجنيهات نصيبي في المصنع وحانات الخمر التي أملكها!!.. كانت الضربة القاتلة لعالي الكاهن أنه لا يعرف أن يقول في الوقت المناسب "لا لا". فلحقه الشر من كل جانب ليدمر حياته وبيته وخدمته الكهنوتية!!".
عالي وحفني وفينحاس
"وكان بنو عالي بني بليعال لم يعرفوا الرب" ولا نظن أن هناك فاجعة يمكن أن تداني مثل هذه الفاجعة، إذ أن أولاد عالي لم يكونوا مجرد أولاد عاديين، بل كهنة الرب،.. فإذا كان الأصل أن الأسقف: "يجب أن يكون بلا لوم بعل امرأة واحدة صاحياً عاقلاً محتشماً مضيفاً للغرباء صالحاً للتعليم، غير مدمن الخمر، ولا ضراب، ولا طامع بالربح القبيح، بل حليماً غير مخاصم، ولا محب للمال يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله" فكم تكون الكارثة أنكى وأشد لو أن هؤلاء الأولاد يمارسون الخدمة الدينية بصورة من الصور.. هل وقفت معي لتتأمل العبارة القاسية الشديدة الوقع: "لم يعرفوا الرب"، وهل تنصرف هذه العبارة إلى أيامهم الأولى؟ وهل كان عالي مشغولاً ومنهمكاً في خدمته في شيلوه، مع جميع الناس، إلا بيته وأولاده؟؟ وهل كان أشبه بذلك القاضي الإنجليزي الذي كان مشغولاً بكتب القانون، ومحاكمة المتهمين،.. وقد سيق ذات يوم ابنه إلى المحاكم بتهمة قاسية، وقال القاضي الذي يحاكمه : ولكن كيف حدث هذا، وأين أبوك الذي لم ينبهك إلى فداحة الجرم الذي تقف أمامه الآن للمحاكمة؟؟! وقال الغلام: يا سيدي: لقد كان أبي مشغولاً بالآخرين، ويكتب القانون، ولو أنه أعطاني بعضاً من وقته لما ارتكبت هذه الجريمة، أو جئت إلى هذا المكان. أليس هذه خطية الكثيرين من الخدام الذين -لفرط اهتمامهم بالخارج- كانوا في حاجة إلى من ينبههم بأن أولادهم أولى بهذه الرعاية، وأكثر الناس حاجة إليها؟؟ ونحن لا نسمع عن زوجة عالي، وهل كان الرجل منكوباً إذ لم يجد المرأة التي تكمل نقصه عندما تتراكم عليه المسئوليات والأعمال، بل هل كانت هذه المرأة بحياتها وتصرفاتها، مشجعة لأولادها -وهي لا تدري- على السلوك الشائن المعيب؟!.. هل ترك عالي أولاده -وهم براعم خضراء- ولم ينتبه إلى تقويمهم من نعومة أظفارهم، ثم أراد أن يتدارك الأمر بعد ذلك، فإذا بعودهم قد تصلب، وتقست قلوبهم، فإذ هم قسي من أن ينضب هذا العود بعد إعوجاج؟!!.. أياً كان الأمر فقد زاد الطينة بلة، أن يتحول حفني وفينحاس ومن معهما إلى الخدمة الدينية ككهنة لله العلي، وهنا نقف على أغرب وصف لهؤلاء الكهنة، إذ هم بنو بليعال لم يعرفوا الرب، وقد اشتهروا بخطيتين رهيبتين: الدنس والطمع،.. وقد وصل الدنس إلى آخر حدوده، إذ كانوا يضاجعون النساء اللواتي يقدمن الخدمة الدينية في شيلوه،.. أما الطمع فقد ظهر في أبشع صوره، في أخذ السمين اغتصاباً، من التقدمات والذبائح، دون أن يراعوا حق الله وحق الكهنة في الذبيحة المقدمة،.. وكان لابد أن ينعكس هذا على الآتيين للعبادة وتقديم الذبائح.. فاستهان الناس بالتقدمة، وعملت في بيت الله أشد ألوان الفجور والآثام،.. ومن الغريب أن هاتين الخطيتين هما اللتان وصلتا بالكنيسة في العصور الوسطى إلى أحط دركات الانحدار الذي لا يكاد يتصوره عقل، والذي حدا مارتن لوثر أن يقوم بثورته الكبرى لإصلاح الكنيسة!!..
ماذا فعل عالي تجاه هذا الفساد المستشري؟!!.. إنه لم يفعل ما فعله موسى، عندما عبد الإسرائيليون العجل الذهبي، وعندما نزل من الجبل ليراهم أمامه يرقصون ويغنون فصاح: من الرب فإليَّ، فاجتمع إليه جميع بني لاوي، فقال لهم: هكذا قال الرب إله إسرائيل ضعوا كل واحد سيفه على فخذه ومروا وارجعوا من باب إلى باب، واقتلوا كل واحد أخاه، وكل واحد صاحبه، وكل واحد قريبه. ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى، ووقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل!!.. “الذي قال عن أبيه وأمه لم أرهما وبإخوته لم يعترف وأولاده لم يعرف بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك”.. ومع أن خطية الإسرائيليين كانت بشعة ورهيبة وقاسية، لكنها لا يمكن أن تقارن ببشاعة ابني عالي اللذين حولا بيت الله إلى مغارة لصوص، ومكان للدعارة والفجور،.. وكل ما فعله عالي لا يتجاوز التوبيخ، أو على حد قول الشاعر العربي يضع النوى موضع السيف، والكلمة الناعمة موضع البتر والقطع والاستئصال!!..
عالي وحنة
ومن الغريب أن عالي بعد هذا كله، وهو يلاحظ حنة في صلاتها الملتهبة غير المسموعة، يتصورها سكرى، فيوبخها: "حتى متى تسكرين انزعي عنك سكرك"، ولعل خير ما يقال ههنا ما ذكره الكسندر هوايت عندما صاح: خبئني يا صخر الدهور، إذ أني أتعلق بصليبك، وأنا أنظر إلى عالي، ونفسي في شخص عالي. وأولادي في شخص حفني وفينحاس وإيخابود أبناء عالي،.. دعني أرى في عالي غباوتي وعماي بالنسبة لخطاياي، وخطايا أولادي، وخطايا شعبي وهم يسكرون بالكبرياء والفساد والشر، كان عالي في حاجة إلى أن يقول هذا الكلام منذ عشرين عاماً لأولاده السكارى الماجنين الأشرار، ولكنه يتركهم يتحول إلى حنة البائسة المسكينة السكرى من الألم والحزن والضيق ومرارة النفس، ولكنها هي الحقيقة المرعبة التي تلاحقنا جميعاً عندما نزن بوزنين، ونكيل بكيلين، ولا نفطن إلى الخشبة التي في عيوننا، ونحن نبحث عن القذى في عيون الآخرين!!.. وقف الرجل المسكين وهو يسمع التقريع القاسي من مدير الشركة التي يعمل فيها، وكان قد أخبره أن ابنه رسب في الامتحان، وكال له التهم في عدم تربية الأولاد تربية صحيحة سليمة،.. وصمت الرجل دون أن يتكلم كلمة واحدة،.. وفي هذه اللحظة بالذات دخل من يحمل خبراً، إن ابن المدير قد رسب هو أيضاً في الامتحان، وعلق المدير على الخبر بأن الولد ما يزال صغيراً في السن، وأمامه الفرصة والزمن!!.. لا تدينوا لكي لا تدانوا لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم ويزاد. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها أم كيف تقول لأخيك: دعني أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك، يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك"!!
على أنه بالإضافة إلى ذلك فإن من أقسى الأمور أن نتعجل الحكم على الآخرين، فقد يسكر الإنسان من آلامه التي يتجرعها في صمت، ونحن نظنه يشرب خمراً، ويكون مثلنا مثل يوحنا ويسلي عندما تعجل الحكم على رجل كان يعلم أنه مقتدر الحالة مالياً، ومع ذلك رآه في المشروعات الكنسية يدفع دون المنتظر منه كثيراً، وذات مرة تبرع الرجل بمبلغ ما رآه ويسلي حتى انهال عليه بالتقريع، وصمت الرجل دون أن يتكلم،.. وبعد ذلك زاره في منزله، وقال له: هل تعلم أن في هذه المدينة رجلاً امتنع عن تذوق اللحم، والكثير من ألوان الطعام؟؟، ومرات كثيرة لا يأكل حتى الخبز؟؟ وقال ويسلي: لا أعلم من هو الرجل!!.. وإذا بالرجل يقول له: أنا هو الإنسان!!.. ثم قص على ويسلي، قصة لم تكن معروفة له، إذ أن هذا الرجل في صدر شبابه كان تاجراً أخذ أموالاً كثيرة من الناس، ثم أفلس، وخربت بيوت كثيرة بسببه، على أنه -وقد جاء إلى المسيح- قرر في نفسه أن يعيد هذه البيوت من جديد،.. كان يأكل أقل الأطعمة، وهو يرد مبالغ لا يطالبه بها القانون بعد إشهار إفلاسه، ويطالب بها الضمير المسيحي النقي الحساس،.. وعندما استمع يوحنا ويسلي للقصة اغرورقت عيناه بالدموع، وقال للرجل: سامحني يا أخي فقد كلمتك كثيراً وأنا لا أدري!!..
ما أكثر ما نتعجل الأحكام على الناس، ناسين أن الله العليم بكل شيء، عندما أراد أن يحرق سدوم وعمورة: "وقال الرب إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر، وخطيتهم قد عظمت جداً، أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إليَّ وإلا فاعلم".. أو في لغة أخرى أنه يعلمنا ألا نحكم بالشبهات، فما أكثر ما نخطيء الأحكام وتبدو على العكس تماماً مما نفكر أو نتصوره.. هل سمعت عن ذلك المدرس الذي طلب من أحد التلاميذ في الصفوف الخلفية أن يقف ويقرأ قطعة من كتاب، وأمسك التلميذ الكتاب بيده اليسرى، وذراعه اليمنى وراء ظهره وابتدأ في القراءة،.. فما كان من المدرس إلا أن طلب منه أن يمسك الكتاب بيده اليمنى، وتشاغل الشاب وكأنه لم يسمع، واستمر في القراءة، وإذا بالمدرس يطلب إليه في غضب أن يتمم ما أمره به، وأخرج الشاب ذراعه اليمنى من وراء ظهره، فإذا بيده اليمنى مقطوعة بالتمام،.. وركع الأستاذ أمامه ولم تكن هناك لغة اعتذار يمكن أن تقال دون أن يعتذر بها الأستاذ بدموع.. كان عالي نبيل النفس، وهو يعترف بخطئه، محولاً هذا الاعتراف إلى صلاة أن يجيب الرب سؤال قلب حنة!!.. وانجابت الظلمة من وجه المرأة، لا لأن الرجل قد صحح تفكيره من ناحيتها، بل لأنها آمنت أن صلاته بلغت السماء واستجاب الرب لها. فمضت في طريقها وأكلت ولم يكن وجهها بعد مغيراً!!.. هل نتعلم أن الخلق المسيحي الصحيح أن ندوس كبرياءنا عند الخطأ، ونعترف به ونطلب الصفح عنه؟!!..
عالي وصموئيل
وقع عالي أمام أدق اختبار يمكن أن يقع فيه إنسان إذ أدرك من اللحظة الأولى أن هذا الصغير هو الذي أرسله الله ليأخذ مكان ولديه وليملأ الفراغ الذي سيحدث بعد موته وموتهما وهما في قمة الشباب،.. ولك أن تتصور وقع هذا على نفسه.. وهنا يختلف فردريك روبرتسن مع الكسندر هوايت، في فهم العواطف التي تجتاح قلب الرجل العجوز، فبينما يؤكد روبرتسن أن الحسد لم يعرف سبيله إلى هذا القلب النبيل، كان هوايت يعتقد العكس، وأن جثسيماني كلها قد اشتعلت في قلبه قبل أن يصل إلى القول: "هو الرب ما يحسن في عينيه يعمل" وأن عالي لو أنه كان على الصورة التي يتصورها روربرتسن لكان من طينة أخرى خلاف طينة الناس،.. وفي نظر هوايت أن عالي بلغ القمة في النبل وهو يرى هذه النبتة الجديدة الطرية، تقلع شجرتي ولديه، وتأخذ مكانهما،.. ومع ذلك فهو يرتفع فوق العواطف الأبوية والمشاعر الشخصية، ويحب الصغير محبة ربما لا تقل عن محبته لحفني وفينحاس، إن لم تزد!!.. هل رأيت الواعظ الشاب يأخذ مكان الواعظ القديم؟!.. وهل رأيت الولد الصغير يصعد سلم الشيخ الفاني؟!.. وهل لك أن تتحدث عن المشاعر العميقة التي يمكن أن تطوف بالذهن والحياة إن المرء لا يقبل أن يتفوق عليه أحد من الناس أو يأخذ مكانه، باستثناء واحد فقط، هو الابن الذي يسر الأب أن يكون امتداداً له في الحياة، أو بعد الموت،.. ولن يغار المرء من ابنه، إذ يتفوق عليه، بل بالحري يغار له ويتحمس لتفوقه،.. وقد رأى عالي في صموئيل ابنه الروحي، ورأى الفرق الشاسع بين الصغير النقي، والابنين الشريرين والمتمردين، وغار للشاب، وسر بأن لا يترك الرب شعبه بدون مرشد أو قائد،.. ونشأت بين الصغير والكبير علاقة من أسمى ما يمكن أن تكون العلاقة بين ابن وأبيه،.. فما أن يسمع الغلام في أعماق الليل صوتاً يناديه باسمه، حتى يسرع إلى عالي ظاناً أنه مصدر الصوت، وإذ يدرك عالي أن الصوت صوت الله وحتى يعلم صموئيل العبارة التي تعلمها ملايين الأولاد في صلاتهم وهم صغار: "تكلم يا رب لأن عبدك سامع".
عالي وإيخابود
كان إيخابود آخر المطاف في قصة الرجل الذي عاش ما يقرب من مائة عام، أو عاش ثمانية وتسعين عاماً، قبل أن تكسر رقبته وينتهي على أشنع صورة من الصور،.. كانت العلامة السوداء هي الراية التي مات تحتها، ولم يشفع فيه أنه كان بطبيعته رجلاً طيباً ومحباً ونبيلاً وغيوراً على بيت الله وكرامته!!.. لقد جاء إيخابود مقراً أن الله لا تهمه العواطف النظرية أو المواقف السلبية، بل لعله لا يضيق بشيء كما يضيق بالمواقف الفلسفية أو الحيادية في معارك الخير والشر،.. عندما قامت المعركة أيام دبورة جلس سبط رأوبين على مساقي الغنم يرقب المعركة من بعيد، وهو أشبه بالقادة العسكريين في غرفة العمليات، يقلبون وجوه النظر في أفضل الطرق إلى النصر،.. مع الفارق الرهيب أنهم يدخلون إلى أتون المعركة بعد ذلك، أما رأوبين فقد فض الجلسات وهو قابع في مكانه يستمع للصغير للقطعان،.. وإخوته يقفون على خط القتال يواجهون الموت، ومن ثم قالت دبورة: "على مساقي رأوبين أقضية قلب عظيمة لماذا أقمت بين الحظائر لسمع الصغير للقطعان. لدى مساقي رأوبين أقضية قلب عظيمة".. وعندما وقفت مدينة ميروز على الحياد جاء الصوت: "العنوا ميروز قال ملاك الرب العنوا ساكنيها لعناً لأنهم لم يأتوا لمعونة الرب بين الجبابرة،.. وسيأتي إيخابود عندما يرى الكاهن واللاوي الجريح على الطريق ويمران دون أن يتقدما لمساعدته ومعونته، وجراحه المنهمرة تنزف بما يجعله على الخط الفاصل بين الحياة والموت،.. وسيأتي عندما نرى الجائع، ونزوده بكلمات حلوة على ما يقول الرسول يعقوب: "إن كان أخ أو أخت عريانيين ومعتازين للقوت اليومي فقال لهما أحدكم أمضيا بسلام استدفئا واشبعا، ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد".. وسيأتي إيخابود عندما تعشش الخطية في كل مكان، وتفقس بيض الأفعى في كل زاوية، ولن تصلح خرافة التصور أنه ما دام تابوت الرب مع المحاربين، فالنصر لابد أن يكون،.. فلن يعين التابوت حفني وفينحاس ابني عالي الدنسين الملوثين، ولن يكون التابوت ستاراً يقف خلفه الزاني والفاسق، والأحمق والشرير، ويكفي أن نقرأ ما قاله إشعياء فيما بعد: اسمعوا كلام الرب يا قضاة سدوم، أصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب. أتخمت مع محرقات كباش وشحم مسمنات وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أسر حينما تأتون لتظهروا أمامي من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة، البخور هو مكرهة لي رأس الشهر والسبت ونداء المحفل، لست أطيق الإثم والاعتكاف، رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي، صارت على ثقلاً. مللت حملها فحين تبسطون أيديكم استرعيني عنكم وإن كثرتم الصلاة لا أسمع، اغتسلوا تنقوا، اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني، كفوا عن فعل الشر، تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق، أنصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة".. وهذا ما ذكره إرميا في القول: "ها أنتم متكلون على كلام الكذب الذي لا ينفع أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهة أخرى لم تعرفوها ثم تأتون وتقفون أمامي في هذا البيت الذي دعى باسمه علي وتقولون قد أنقذنا. حتى تعملوا هذه الرجاسات هل صار هذا البيت الذي دعي باسمي عليه مغارة لصوص في أعينكم"..
جاء إيجابود، وزال المجد عن إسرائيل، وسيموت عالي وفينحاس، ولو بجوار التابوت نفسه، وقد أخذ يوآب إلى الموت، وهو متمسك بقرون المذبح، وصدق ذلك الخادم الذي قال له أحد أعضاء كنيسته -وكان رجلاً متعباً- إني سأذهب إلى جبل سيناء، وسأنطق الوصايا العشر بصوت عالي من نفس المكان الذي أخذ فيه موسى هذه الوصايا،.. وأجابه الراعي: إنك لست في حاجة إلى الذهاب هناك، ولكنك في حاجة إلى أن تحفظ الوصايا هنا!!..
جاء إيخابود، لأن عالي جلس على كرسي بجانب الطريق يراقب، لأن قلبه كان مضطرباً لأجل تابوت الله،.. ولا نعلم إلى أي حد اضطرب قلبه والفجور من حول التابوت كان يرتكب في شيلوه كل يوم بدون حياء،.. بالحماقة الإنسان الذي يهتم بالمظهر دون الحقيقة، وبالطقس دون المضمون!!.. "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تنقون خارج الكأس والصفحة وهما من داخل مملوآن اختطافاً ودعارة، أيها الفريسي الأعمى نق أولاً داخل الكأس والصفحة لكي يكون خارجهما أيضاً نقياً، ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبوراً مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة"..
جاء إيخابود لأن المعركة الحقيقية لم تكن بين إسرائيل والفلسطينيين، بل كانت بين إسرائيل والخطية، وقد زال المجد عن إسرائيل لأن الخطية وحدها هي التي تقبل كل مجد، لأن البر يرفع شأن الأمة، وعار الشعوب الخطية!!..
جاء إيخابود وارتفع العلم الأسود مرفرفاً على كل شيء،.. وأتت العلامة القاصمة للظهر، بل التي تكس العنق، فعالي يسقط من فوق كرسيه لتكسر رقبته، وابناه يموتان في الحرب، وتتعسر ولادة كنته، وتموت أثناء الولادة، وتلد ابنها الذي أطلقت عليه إيخابود والذي معناه "زال المجد" والمصائب لا تأتي فرادي كما يقولون، بل جاءت شاملة قاسية متسعة، مجسمة في اسم حفيد عالي، ومعلنة صدق الله الذي وإن أمهل لا يهمل، وإن توانى فهوذا لطف الله وصرامته!!..
جاء إىخابود ولم تقف نهاية القصة عنده، بل امتدت في سلسلة أجيال أخرى تأتي، وذلك لأن الله هو القائل: أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون.. هل يمكن -ونحن نرى كل هذا- أن نصيح مع إرميا: "أيها الرب رجاء إسرائيل كل الذين يتركونك يخزون. الحائدون عني في التراب يكتبون لأنهم تركوا الرب ينبوع المياه الحية. اشفني يا رب فأشفى خلصني فأخلص لأنك أنت تسبيحتي"؟؟. كانت العلامة السوداء يمكن أن تغطي كل شيء، ويسود الظلام، في أيام عالي، لولا أن رحمة الله أرسلت شعاعاً من نور في صوت غلام يصلي: "تكلم يا رب فإن عبدك سامع!!".

Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 216
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
العمر : 31

https://class2010.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى