تلمذة مع المسيح
يوناثان 00000000 N90rrh8femc2


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تلمذة مع المسيح
يوناثان 00000000 N90rrh8femc2
تلمذة مع المسيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» قداس ابونا بيشوي علي قناة c t v
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 11:55 pm من طرف naderegyptair

» ترنيمة يا يسوع تعبان
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالخميس مارس 15, 2012 8:56 am من طرف زهرة المسيح

» هااااااااااااااااااام جدااااااااااااااااااااااااااااا
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:17 pm من طرف البابا كيرلس

» جسد القديس العظيم ماسربل
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:12 pm من طرف البابا كيرلس

» يسوع باعت رساله لاولاده النهارده
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:59 pm من طرف البابا كيرلس

» ارجو الصلاه من اجل البابا
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:50 pm من طرف البابا كيرلس

» لماذا اختار المسيح ان يموت مصلوبا
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:41 pm من طرف البابا كيرلس

» هل يوجد حلال وحرام فى المسيحية
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 07, 2012 8:06 pm من طرف البابا كيرلس

» عارفة يعني إيه إحنا أصحاب ؟
يوناثان 00000000 I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 8:51 pm من طرف Admin


يوناثان 00000000

اذهب الى الأسفل

يوناثان 00000000 Empty يوناثان 00000000

مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 07, 2011 12:51 am


مقدمة
كان يوناثان بن شاول -وما يزال- واحداً من أعظم المظلومين الذين ظهروا على هذه الأرض،.. بل كان واحداً من المظلومين الذين حملوا صليبهم في صمت، ليسير وراء المظلوم الأعظم بين الناس، والذي قيل عنه: "ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه".. وإذا وجد في الكتاب المقدس تسعة عشر رجلاً يحملون اسم "يوناثان"، ولا يكاد الناس يهتمون بقصصهم، إذ لم يكن فيهم سوى واحد يمكن أن يثير اهتماماً أعظم وأروع، لقصته التي يندر أن يكون لها ضريب في الحب والشجاعة، والأمانة والوفاء والإيمان،... لكن مأساة الرجل هي أنه كان كالبرق الخاطف، وقع بين أشد نور وأقسى ظلمة. وإذ حاول الناس أن يتنبهوا إليه، بعد أن انتقلت عيونهم بين النور والظلام، كان هو قد مرق كالسهم بين الاثنين، ولم ينتبه الناس إلى يوناثان، وهم ينقلون البصر بين داود بن يسى وشاول بن قيس، لقد بكى داود الظبي في نشيد القوس، وطلب أن يتعلم بنو إسرائيل هذا النشيد، ليقفوا بين الحين والآخر، ليبكوا الشاب العظيم الذي سقط صريعاً بين الوفاء لصديقه، والولاء لأبيه،.. وأعتقد أنه من واجبنا -نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور- أن نصعد مرات متعددة فوق جبال جلبوع، لنرى المنظر العظيم بعيون تحمل الكثير من الدموع، ونستمع إلى مرثاة هذا النشيد، لعلنا نتأمل ونتعظ، ونتعلم كيف يعيش الإنسان نبيلاً، ويموت نبيلاً كما عاش ومات الشاب القديم "يوناثان بن شاول"، ولعلنا بعد هذا نستطيع أن نراه فيما يلي:
يوناثان والمحبة القوية
هناك لحظات في الحياة قد لا تزيد عن دقائق أو ساعات يمكن أن تقلب تاريخ الإنسان بأكمله، وهي لحظات تبلغ من جلالها وقدسيتها أن يخلع المرء نعليه وقتها، لأن الأرض التي هو واقف عليها أرض مقدسة،.. كم انقضى من الوقت، وموسى يقف أمام العليقة، ليسمع صوت الرب، ويناديه برسالته العظيمة؟؟، وكم مضى من الوقت، ويشوع أمام رئيس جند الرب؟ وجدعون أمام الملاك؟ وبولس في طريق دمشق؟.. ومع أن يوناثان بن شاول لم يكن له مثل هذا الحظ في الحياة،.. لكن يوناثان انقلب تاريخه بأكمله، وهو يرى جليات الجبار، وسيفه في يدي الغلام العظيم البطل أمام أبيه شاول في المعركة الكبرى!!..
ومع أني لا أعلم بالضبط ماذا قال أفلاطون، وهو يتخيل أن الله عندما خلق نفوس الناس خلق كل نفسين معاً، وجاءت الحياة لتبعثر النفوس، وتظل كل نفس تائهة وحائرة وباحثة عن النفس الأخرى حتى تلتقي بها في زواج موفق أو صداقة عظيمة، أو حب عجيب،.. ومع أني لا أعلم من هذا هذا الصديق الذي أحبه أوغسطينس في مطلع الشباب، وعندما مات تعجب أوغسطينس كيف لم يمت هو معه، وقد كان نفسه الثانية،.. لكني أعلم أن يوناثان عندما أحب داود كان حبه أعجب من حب النساء، وكان داود نفسه الثانية، إذ أحبه كنفسه!!... ومع هذا التعبير عجيب، ولكنه يذكرنا بقول يهوذا: "فالآن متى جئت إلى عبدك أبي والغلام ليس معنا ونفسه مرتبطة بنفسه يكون متى رأى أن الغلام مفقود أنه يموت فينزل عبيدك شبية عبدك أبينا بحزن إلى الهاوية"...
ومن الناس -مع ذلك- من يحب حب "التكامل"، كأن يحب الغني الفقير، والقوي الضعيف، والصحيح المريض، والمترف المنكوب،.. لكن القاعدة الأساسية في الحب الصحيح العميق، وعلى وجه الخصوص، الحب الذي أطلق عليه هوميرس "حب الأبطال" هو حب "التجاوب"، أو يكون المرء حقاً هو النفس الثانية لصاحبه،.. وهذا هو نوع الحب الذي قام بين يوناثان وداود،... لقد ظلت نفس يوناثان، كتصور أفلاطون، تبحث عن النفس الأخرى حتى عثرت عليها في نفس داود،.. لقد كان داود هو النسخة المكررة لنفسه يوناثان، وهذا هو التفسير الوحيد الصحيح للقول: "أحبه كنفسه"... ولعلنا بعد هذا يمكن أن نتعرف على خلال يوناثان من خلال حبه لداود...
يوناثان المؤمن
لم يكن يوناثان مؤمناً فحسب، بل بطلاً من أبطال الإيمان كداود سواء بسواء، ولعلنا نذكر أنه قبل أن يلتقي داود بجليات، التقى يوناثان بالفلسطينيين في معركة من أعجب المعارك التي يمكن أن تدور بخيال الناس، إذ يحارب يوناثان بمفرده ومعه غلامه دون أن يكون معهما آخر، قائلاً: "فقال يوناثان للغلام حامل سلاحه تعال نعبر إلى صف هؤلاء الغلف لعل الله يعمل معنا لأنه ليس للرب مانع من أن يخلص بالكثير أو بالقليل فقال له حامل سلاحه: اعمل كل ما بقلبك تقدم ها أنذا معك حسب قلبك".. ومثل هذا الإنسان عندما يسمع عن داود يلاقي الدب أو الأسد، أو جليات بنفس هذه الروح، إنما يجد إنساناً آخر يسير في نفس الاتجاه، وبذات البطولة،.. ويرى نفسه التي تطرب بالبطولة، محباً لكل إنسان يؤمن بالله، ويرتفع إلى مثل هذا المستوى من الإيمان،... وما الإيمان عنده في الواقع إلا النفس البشرية ملتصقة بمصدر قوتها الهائل، ولا يهم في هذه الحالة، النظر إلى المجرى بقدر الاتجاه إلى المنبع، ومهما تكن الأداة صغيرة أو كبيرة، قليلة أو أكثر، فالعبرة كل عبرة بالله القادر على كل شيء، والذي يستخدم مثل هذه الأداة،... ويبدو أن يوناثان كان قارئاً متعمقاً، في أسفار موسى الخمسة، وما امتلأت بالمعجزات والعجائب، ويبدو أنه كان على علم عظيم بعصر القضاة، وما حفل من أعمال الله، خلال الأداة البشرية الضعيفة!!
يوناثان الشجاع
وشجاعة يوناثان كشجاعة داود لم تكن مجرد اعتداد بالذات، بل هي الشجاعة التي تتولد في الناس عن الشركة مع الله والثقة بعمله العظيم في الأرض!!... ومن الواضح أن هذا الشاب على أي حال. كان يهتز إعجاباً بكافة صور الشجاعة، التي تأخذ بمجامع قلبه،.. والشجاعة في العادة تثير مشاعر الناس، أو تهز عواطفهم، وهي ضرب من أعلى ضروب البطولة عند الأبطال،.. قيل عن قائد من القواد في القرن التاسع الميلادي، أنه أراد أن يهاجم مملكة، فذهب إليها على رأس خمسمائة من الجنود، وما أن سمع الملك بأمر هذا القائد حتى أرسل إليه يقول إنه على استعداد أن يترفق به وبجماعته، إذا ما سلم نفسه بهدوء،.. وما كان من القائد إلا أن دعا واحداً من الجنود أمام رسول الملك، وقال له: اغمد خنجرك في قلبك، فما كان من الجندي إلا أنه أطاع في الحال، وسقط صريعاً أمام قائده، ثم دعا آخر وقال له: ارم بنفسك من أعلى الجبل،.. ففي الحال ألقى بنفسه وأصبح أشلاء!!... ثم التفت إلى الرسول وقال له: اذهب وقل لملكك إن عندي خمسمائة من هذا الطراز وبعد ثمان وأربعين ساعة ستقع أسيراً في يدي.. وما أن سمع الملك وجيشه حتى استولى عليهم الفزع وسلموا في الحال!!.. لم ير يوناثان هذا العدد في جيش أبيه، ولكنه رأى واحداً فقط امتلأ بروح الشجاعة، وأرسل الهزيمة في آلاف الجنود،.. كان هذا الشجاع صنو نفسه، الممتلئة بالقوة والشجاعة!!..
يوناثان المنكر ذاته
كان يوناثان واحداً من أعجب الناس في نكران الذات، وقد لا يجد المرء من يتفوق عليه في هذا السبيل سوى ذاك الذي علق على خشبة العار على هضبة الجلجثة،.. كان عند الاسكندر الأكبر جواد عظيم، لم يستطع واحد من الناس أن يروضه، وكل الذين امتطوا صهوته أسقطهم إلى الأرض بجموحه، وراقب الاسكندر الجواد، وأدرك شيئاً عجيباً، إذ رآه يفزع من ظله، كلما رآه، فما كان من الاسكندر إلا أن أدار وجه الجواد بحيث لا يمكنه رؤية الظل، وانطلق به، وقد ركبه، كأروع ما يكون العدو، وأعظم ما يكون الانطلاق، كانت مشكلة الحيوان الفزع من ظله الذي يراه،...
كان يوناثان الظبي السريع الحركة المنطلق الوثوب، ويبدو أنه من هذا الجانب كان في جمال شكله وسرعة حركته أشبه الأشياء بالظبي الجميل، غير أن هذا الظبي في حركته لم يكن يسير في اتجاه الظل إذا كان الظل وراءه وإلى الخلف، بكيفية لا يمكنه رؤياه، لقد أنكر ذاته وحمل صليبه، دون أن يلتفت إلى الوراء على الإطلاق،.. وكان في ذلك على العكس تماماً من أبيه الذي امتلأ حسد من داود، وأراد القضاء عليه بأي ثمن، لأن الذات تحكمت فيه من كل جانب!!...
في قصة كاجاوا الياباني، وهو ينحدر من عائلة أرستقراطية "نبيلة" أنه هجر بيته من أجل المسيح، وحدث عندما كان في كلية لاهوت، يدرس، أنه انتقد وأربعة من زملائه هيئة إدارة الكلية لفصلهم أحد الطلبة ظلماً،.. فما كان من الكلية إلا أنها قررت فصل هؤلاء المنتقدين أيضاً، وإذ ذهب كاجاوا إلى مدير الكلية ليصافحه المصافحة الأخيرة قبل الخروج قال كاجاوا للمدير، إن المسيحية ديانة المحبة، وكلية اللاهوت لذلك ينبغي أن تكون أيضاً مدرسة المحبة من واجبها أن توجه الطالب المخطيء، والله نفسه لا يرفض أو يهجر أحداً، قبل أن يقومه، وهكذا ينبغي أن تتعامل الكلية، فلا تلفظ أي شخص أخطأ، بل بالحري أن تتعامل معه بالرفق، وإذا كان ولابد من أن تلفظ الكلية أحداً، فأرجو أن أكون أنا هذا الشخص على أن تسامح الكلية، وتعيد زملائي الأربعة، لتقع علىَّ العقوبة وحدي،.. وكانت النتيجة أن الكلية أعادت الجميع!!...
يوناثان الوفي
إذا قرأت قصص يوناثان تستطيع أن ترفض في الحال ما يقال: إن المستحيلات ثلاثة: الغول، والعنقاء، والخل الوفي، توجه يوناثان في الأرض هو وجه الوفاء، وقلب يوناثان في الحياة هو قلب الوفاء، وقد استطاع هذا الوفاء أن يوازن إلى حد غريب أعجب صور الوفاء في حياة الناس، كان وفياً لله، وكان وفياً لصديقه، وكان وفياً لأبيه،.. لقد صنع هذا الشاب القديم من نسيج عظيم اسمه نسيج الوفاء،.. وفي الواقع أن أساس كل وفاء عنده، هو الوفاء لله، فهو أمين لله في الظاهر وفي الباطن، وهو أمين لله، في الخفاء وفي العلن، وهو أمين لله بدون تردد أو إحجام، لأنه يرى الحياة لا تزيد أن تنقص عن حقيقة الأمانة والوفاء لله حتى الموت، كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة!!... ونحن لا نستطيع أن نفسر وفاء يوناثان لداود أو شاول إلا إذا فسرناهما في ضوء وفائه لله،.. وكان وفياً لداود، وقد بلغ هذا الوفاء الذروة عندما كاد إيمان داود أن ينهار، وقال إن بينه وبين الموت خطوة واحدة،.. وهنا نرى الرجل العظيم في لحظة من أدق اللحظات في حياته،.. ولو انهار إيمانه، لضاع، ولحل محله في الحال يوناثان،.. ولكن هنا الإعجوبة العظيمة، فإن يوناثان ذهب إلى داود ليشجعه ويعيد إليه إيمانه القوي العظيم،.. كان شاول في مطلع الأمر يريد أن يقضي على داود بالخطة الماكرة، إذ يضعه أمام الفلسطينيين، فعلق تزويجه بابنته بمائة من الغلف، أوصلها داود إلى مائتين،.. كان يقصد أن لا يتورط هو في جريمة قتله، فإذا قتله الفلسطينيون، فقد خلا الجو وصفاً أمامه، وكانت الغيوم النفسية تحيط بداود في السبي والمنفى، وكان يمكن أن يتركه يوناثان للسقوط الروحي، ليخلو أمامه الطريق إلى العرش،.. ولكن يوناثان أبى هذه الذلة النفسية أمام خياله وروحه، وشجع داود ليقوي إيمانه، ويثبت إلى العرش مكانه،.. وأي وفاء يمكن أن يكون كهذا الوفاء العظيم!... على أنه كان إلى جانب هذا كله، وفياً لأبيه، إذ وهو يختلف معه تماماً في موقفه من داود، وتختلف روحه عن روح أبيه في كل شيء،.. لكنه لم ينس قط أن الأب هو الأب، وأن الابن البار يمكن أن يكون وفياً لأبيه الشرير، فيكرمه ويحترمه ويسير خلفه، دون أن يتلوث بأعماله وتصرفاته الشريرة، وسار الشاب العظيم يوازن هذه الموازنة الدقيقة، ولو انتهى به الأمر إلى السقوط خلف الأب على جبال جلبوع!!.. حقاً أن يوناثان درس عظيم في الوفاء إلى أن نلتقي بذاك الذي ضرب أعلى الوفاء على جبال الجلجثة في صليب العار!!..
يوناثان والمحبة المضحية
تصور أحدهم داود مرات كثيرة يسأل نفسه عندما وصل إلى العرش: يا ترى هل كان من الممكن أن أصل إلى هذا المكان لو لم يوجد يوناثان؟!!.. ومن المؤكد أن الله كان له الوسائل المتعددة التي بها يستطيع أن يتمم قصده في داود بيوناثان أو غير يوناثان، ولكن من المؤكد أيضاً أن الله أعطى هذه المحبة العميقة المضحية في قلب يوناثان حتى يصل داود إلى عرشه؟!!... على أي حال.. لقد كان يوناثان يعلم تماماً أن حبه لداود لا يمكن أن ينتج أثره أو يتألق كنور الشمس، ما لم يقبل بصورة ما ما قاله آخر في موضع أكثر أهمية وجلالاً: ينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقص وقد لا نعرف في قصة يوناثان ما هو أروع مما كتبه الكسندر هوايت عند هذا التصور إذ قال: "وخلع يوناثان الجبة التي عليه وأعطاها لداود مع ثيابه وسيفه وقوسه ومنطقته... فإذا كان خاتم الزواج في يد المرأة هو ختم عهدها مع زوجها، وعهد زوجها معها، وإذا كان قوس قزح هو ختم الله مع نوح ومع الأرض، وإذا كان الماء هو ختم عهد الله في المعمودية، والخبز والخمر في العشاء،.. فإنه بهذا المعنى كانت ثياب يوناثان وسيفه وقوسه ومنطقته، علامات العهود وختومها التي قطعها في ذلك اليوم مع داود ونحن نأخذ في الخبز والخمر فوائد العهد الجديد كمؤمنين من يد المسيح، وختمه ورمزه... وقد كان ثوب يوناثان وسيفه وقوسه ومنطقته رمزاً لانتقال مملكة إسرائيل في كل مجدها وقوتها وجلالها إلى يد داود بهذا العمل الجليل الخارق للعادة الذي قام به يوناثان بن شاول،.. لقد عرى يوناثان نفسه من أجل هذا العهد المؤيد بالقسم لصديقه المحبوب،.. لقد جرد نفسه ليكسي ويزين ويختم بهذا العهد لداود على العرش،... وقد كان في ذلك رمزاً لمن سيأتي بعده في ملء الزمان في حدوده الخاصة،.. كان يوناثان الابن الخاطيء، لأب خاطيء،... وكان يسوع المسيح ابن الله الحي،.. ومع ذلك فإن يوناثان كان رمزاً، لذاك عرى نفسه من أجل أعدائه لكي يلبسهم ثياب البر والبهاء،.. أجل وهذا حق، لقد كان يوناثان تلميذاً للمسيح جاء قبل أوانه، إذ تبع المسيح، وكان واحداً من تلاميذه في العهد القديم،.. وإذ نراه يتعرى نتعجب ونحن نسأل النفس: كيف فعل هذا!، ولعل هذا العجب يرجع إلى أننا لم نختبر بعد كيف تعرينا من أجل صديق أو عدو. لكنك لو حاولت، ولو بدأت تخلع نفسك، فإنك لا يمكن أن تتعجب لماذا فعل يوناثان هذا؟!!.. وإذا سألت بعد ذلك، فإن سؤالك هو: كيف لا يمكنه أن يفعل ذلك؟!!.. وهو لا يقدر وأنت لا تقدر عندما تبدأ أن تسير في ذات الطريق!! وذلك لأنك ستتذوق للمرة الأولى معنى الحياة الحقيقية، وأنت تخلع ثوبك المفضل لتعطيه لمنافسك، الذي سيخلفك في منصبك،.. إنك ستشرب، وستشرب عميقاً من ينبوع الحياة عندما تجرد نفسك من سيفك وقوسك ومنطقتك لتضعها عليه، لأن لمثل هذا ملكوت السموات ولمثل هذا فقط يقال: "يا صاحب تعال مرتفعاً إلى الأمام"،.. ولمثل هذا ولمثل هذا فقط يمكن أن تأتي الرفعة في النهاية، ولمثل هذا ولمثل هذا فقط الذي لا يطلب المجد لنفسه،.. إذا فعلت هذا كما يفعل مثل هذا، فإنك ستجلس بجوار المسيح وبجوار يوناثان،.. ولا يمكن أن يثمر الأمر بغير هذا"...
قال الرجل لزوجته وقد لبس قبعته، وأمسك بيده قبعة أخرى: أي قبعة أفضل التي ألبسها على رأسي أم التي أمسكها بيدي؟!! قالت الزوجة: التي بيدك، ولكن لم هذا السؤال؟!!.. أجاب: إن جارنا العاطل عن العمل، سيذهب -كما علمت- ليقابل الشخص الذي يريد موظفاً يعمل عنده،.. وهو لا يملك قبعة تليق بأن يظهر أمام صاحب العمل، ولابد له من قبعة، وقد رأيت أن أترك له في مدخل بيته القبعة الأفضل عندي!!.. وأسرع وتركها دون أن يظهر للرجل أن يقدمها له!!... إن روح الإيثار والتضحية التي ملأت يوناثان لابد أن تملأ حياتنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور، وعرفنا تضحية المسيح عنا على خشبة العار، خشبة الصليب!!..
يوناثان والمحبة المؤثرة
مات يوناثان على جبال جلبوع، ومات شاهداً وشهيداً، لم يصل إلى عرش إسرائيل، ولكنه تربع على عرش التاريخ والأجيال وسمع العالم بكاء داود عليه "الظبي يا إسرائيل مقتول على شوامخك كيف سقط الجبابرة... كيف سقط الجبابرة... يوناثان على شوامخك مقتول.. لقد تضايقت عليك يا أخي يوناثان كنت حلواً لي جداً محبتك لي أعجب من محبة النساء كيف سقط الجبابرة وبادت آلات الحرب"...
ولقد أثرت -ولا شك- هذه المحبة عميقاً في حياة داود، سواء في حياة يوناثان أو بعد موته، وإذا كانوا قد قالوا إنهم سألوا رجلاً كان في طريقه إلى الإعدام، لماذا وصل إلى ما وصل إليه، وماذا كان ينقصه بين الناس؟!! فأجاب: كنت في حاجة إلى صديق؟!!.. ولا شبهة بالآثار العميقة التي تركها يوناثان بحبه وتضحيته في حياة داود!!... لقد كانت هذه المحبة أشبه بالواحة الظليلة لداود يفيء إليها كلما ضاق في المنفى بآلام الحياة ومتابعها، وكانت بمثابة المشجع الكبير له في مواجهة الظروف المتعبة الكثيرة القاسية،.. وأما ليوناثان فقد كانت عرشاً أعظم وأجمل من عرش إسرائيل نفسه،... إذ كانت عرشه العظيم في ضمير الأجيال والزمن والأبدية، كلما ذكرت قصته بين الناس على ظهر هذه الأرض!!...
في التاريخ اليوناني القديم قصة عن صديقين: هما دامون وبسياس، وقد صاحب كلاهما الآخر في محبة قوية عجيبة، وحدث ذات يوم أن حكم طاغية اسمه "ديونسيوس الصغير" على بسياس بالموت ظلماً وعدواناً، ولم يرهب بسياس الموت، ولكنه طلب من الحاكم مهلة يرى فيها بيته وأهله ويرتب أحوالهم، ويعود ليتسلم بعد ذلك مصيره المعين، وإذ سمع دامون هذا، طلب من الحاكم أن يحل محل صديقه، وأنه مستعد أن يأخذ مكانه فيما لو لم يحضر، ووافق الملك على ذلك وأطلق سراح بسياس وسجن دامون مكانه، وقيل أن هذا الأخير كان يصلي في سجنه أن تؤخر الآلهة مجيء صديقه ليأخذ مكانه، وقيل أن الساعة المعينة جاءت وتأخر بسياس، لأن السفينة التي كان يركبها قد تحطمت، وكان دامون مسروراً إذ اعتقد أن الآلهة أجابت صلاته، وحضر الملك وطلب دامون لينفذ، جاء بسياس راكضاً بكامل قوته، وقبل صديقه وصعد مكانه، وعند ذاك اغرورقت عينا ديونسيوس وصاح: أيها الصديقان الوفيان: ها أنا أمنح بسياس الحياة، وأطلب أن تقبلاني صديقاً معكما ثالثاً!!..
بهذا المعنى -وأفضل- دخلت قصة يوناثان وداود في ضمير الحياة الإنسانية، لتعطي أثراً باقياً على مر القرون والأجيال!!.. وفي الحقيقة أن السعير البشري يحتاج في كل زمان ومكان إلى مثل هذه الصور الملطفة لجو الإنسانية، والتي هي أشبه بالنسمة الرقيقة في الحر اللافح،... في أواخر الحرب العالمية الأولى أرسل ملك وملكة البلچيك إلى هربرت هوفر، وقد قدم لبلادهما الطعام، وبعث الرجاء في القلوب في تلك اللحظات القاسية التي مرت ببلچيكا قائلين: "لا نعلم بماذا نكافئك ونكرمك"... ثم طلبا منه أن يختار أي إكرام.. أما هو فرفض وأجاب: "لقد وقفتما أنتما في باب الحضارة، ورددتما الطغيان.. أما نحن فلم نفعل أكثر من تقديم المعونة لكما..".. وكأنما يقول لهما إن نصيبهما أعظم وأجل!!.. وإذ لم يجدا ما يقدمانه مكافأة له.. أطلقا عليه اللقب الجميل "صديق الشعب البلچيكي"..
ألا يمكن بعد ذلك أن نتذكر صداقتنا مع الرب يسوع المسيح كأعظم حقيقة، وكأعظم صديق؟؟... وألا يجمل بنا أن نرد رد ذلك المسيحي القديم الذي وقف أمام الحاكم الروماني على بيثينية، والذي حاول ما وسعته المحاولة القضاء على المسيحية، وقد هدد بليني الرجل المسيحي بالقول: "سأنفيك" وأجاب المسيحي: "لا تستطيع، لأن العالم كله بيت أبي"... قال له: "سأقتلك" فقال له: "لا تقدر!!.. لأن حياتي مستترة مع المسيح في الله".. فقال له: "سآخذ كنوزك"، فأجاب: "لا تستطيع، لأن كنزي هناك في السماء"... فقال له أيضاً: "سأبعدك عن جميع الناس ولن يتبقى لك صديق"، فقال المسيحي: "إنك لا تقدر، فإن لي صديقاً لا يمكن أن تفصلني عنه".. قال بليني: "إن العالم لا يمكن أن يكون ذا قيمة أمام رجال ونساء من هذا الطراز"!!.

Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 216
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
العمر : 31

https://class2010.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى