تلمذة مع المسيح
يواب 00000000 N90rrh8femc2


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تلمذة مع المسيح
يواب 00000000 N90rrh8femc2
تلمذة مع المسيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» قداس ابونا بيشوي علي قناة c t v
يواب 00000000 I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 11:55 pm من طرف naderegyptair

» ترنيمة يا يسوع تعبان
يواب 00000000 I_icon_minitimeالخميس مارس 15, 2012 8:56 am من طرف زهرة المسيح

» هااااااااااااااااااام جدااااااااااااااااااااااااااااا
يواب 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:17 pm من طرف البابا كيرلس

» جسد القديس العظيم ماسربل
يواب 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:12 pm من طرف البابا كيرلس

» يسوع باعت رساله لاولاده النهارده
يواب 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:59 pm من طرف البابا كيرلس

» ارجو الصلاه من اجل البابا
يواب 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:50 pm من طرف البابا كيرلس

» لماذا اختار المسيح ان يموت مصلوبا
يواب 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:41 pm من طرف البابا كيرلس

» هل يوجد حلال وحرام فى المسيحية
يواب 00000000 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 07, 2012 8:06 pm من طرف البابا كيرلس

» عارفة يعني إيه إحنا أصحاب ؟
يواب 00000000 I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 8:51 pm من طرف Admin


يواب 00000000

اذهب الى الأسفل

يواب 00000000 Empty يواب 00000000

مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 07, 2011 12:53 am


مقدمة
لست أظن أن هناك مأساة تعدل مأساة القائد الذي يهزم، وهو قاب قوسين أو أدنى من النصر، أو السباح الماهر الذي يغرق وهو على بعد أمتار من شاطيء الوصول!!.. أو الراكض الذي يسبق الآخرين، طوال الشوط، ويتجاوزه آخر ليفوز بالسباق في الدقائق الأخيرة، أو المريض الذي يختنق قبل أن تصله أنبوبة الأكسچين بلحظة قصيرة،.. ومن ثم فإن الناس في العادة تضع اهتماماً كبيراً على ما يطلق عليه "حسن الختام" كان داود ويوآب من عمر واحد تقريباً، ولو أن داود كان أخاً لصروية أم يوآب، أو بالحري خال يوآب، وعاش كلاهما معاً في خدمة شعب الله أربعين عاماً، كان فيها داود الملك، وكان يوآب قائد الجيش، لكن الختام فرق بين الاثنين قبيل الغروب تفريقاً كان أساسه الداخلي اختلاف طبيعة الرجلين، وأسلوبهما في الحياة، واتجاه نظريتهما إلى الله،.. وتباعد الاثنان في النهاية، ومال يوآب وانحرف عن الطريق،... ومع أنه لم يمل مع "أبشالوم" وظل أميناً لسيده إلا أنه مال مع "أدونيا" وتمرد، و أعلن تمرده على قائده بتنصيبه ملكاً دون علم سيده أو مشورته أو الاتفاق على ذلك،.. وإذ سقطت مؤامرته وجاء يوم الحساب، تمسك بالمذبح أو بالحري تمسح بالمذبح دون جدوى وهناك قتل، ولم يشفع فيه الماضي الطويل، وحق لمن قال: "هناك طريق إلى الجحيم من باب السماء"، وسقط يوآب آخر الأمر، ودونت قصته لتكون عبرة مع أولئك الذين يمكن أن يقال فيهم: "كنتم تسعون حسناً فمن صدكم حتى لا تطاوعوا للحق".. ولعلنا بعد هذا نرى يوآب من جوانب حياته التالية
:
يوآب القائد العظيم
لست أعلم لماذا درج داود -عندما كان يتحدث عن يوآب أو أبيشاي- أن يصفهما بالقول "بني صروية" وصروية هي أخته وقد ولدت ثلاثة أولاد كانوا أبطالاً أكبرهم يوآب، ثم أبيشاي، ثم الصغير عسائيل الذي طارد أنبير، وقتله أنبير، ولم يسترح يوآب أو أبيشاي قبل الانتقام من القاتل بقتله،.. على أي حال يبدو أن الثلاثة كانوا يحملون خصائص متقاربة تميزهم عن غيرهم من الناس،... هل جاءتهم هذه الخصائص من تربية صروية أو قوة سلطانها عليهم،.. أم أن الطابع العائلي كثيراً ما يلقي ظله أو تقاليده أو عاداته على الأولاد، حتى تكاد تراهم يتميزون بخصائص جسدية وذهنية وعاطفية وعملية متقاربة،..
على أي حال لقد كان الثلاثة يتميزون بالطابع العكسري العنيف الخشن،.. ولك بعد هذا أن ترى أكبرهم يوآب قائد الجيش لمدة أربعين عاماً، رجلاً صارم القسمات، لا تعرف الرقة إلى قلبه سبيلاً، على استعداد أن يكون وحشاً إذا احتاج الأمر إلى التوحش، أو هو في الحقيقة وحش زادته المعارك حدة وعنفاً ووحشية، وهو يسخر من ذلك الرجل الذي رأى أبشالوم معلقاً في البطمة ولم يقتله إطاعة لأمر داود الذي طلب من يوآب والجيش الترفق بابنه الفتى أبشالوم، ولا يبالي حتى لو غرق داود في دموعه،.. وهو رجل شجاع إلى آخر حدود الشجاعة، ويبدو أن أبناء صرورية كانت الشجاعة شيئاً في دمهم، وربما لم يكن يتفوق عليهم في الشجاعة سوى داود نفسه، فأبيشاي هو الذي نزل مع داود عندما كان شاول وجيشه يطاردون داود، وأخذ الرمح وكوز الماء من عند رأسه، وهو الذي قتل ثلاثمائة دفعة واحدة، وهو الذي أنقذ داود أكثر من مرة، وعسائيل الذي طارد بمفرده أبنير بن نير دون وجل أو خوف، ودفع حياته ثمناً للمطاردة،... ومن المعتقد أن يوآب قائد الجيش كان أكثر إخوته قوة وشجاعة وبروزاً،.. ولا يمكن أن ينسى أنه عاش شديد الولاء لملكه وقائده داود في مواجهة الملك شاول، ومواجهة أبشالوم، وأنه عاش الشطر الأكبر من حياته -وفي كافة الظروف- يضع داود سيداً، حتى أنه حارب ربه بني عمون وأسقطها وأخذ مدينة المياه، لم يشأ أن يفتحها بالتمام، بل تركها لداود، لكي لا يدعى اسمه على المدينة، وجمع داود كل الشعب وذهب إلى ربه وحاربها وأخذها، وأخذ تاج ملكها ووضعه على رأسه، كان وزنه وزنة من الذهب مع حجر كريم!!... وكان قبل وبعد كل هذا -الرجل الغيور على وطنه وشعبه واسم إلهه، وهو القائل لأخيه أبيشاي في معركته مع العمونيين: "تجلد ولنتشدد من أجل شعبنا ومن أجل مدن إلهنا، والرب يفعل ما يحسن في عينيه"...
يوآب والتجارب الزاحفة
من المؤسف أن هذا القائد العظيم تزحف عليه التجارب، التي تدفعه -وهو لا يدري- إلى المصير الذي وصل إليه، وهي ناشئة من ذات طبيعته والظروف المحيطة به، وكانت تجربته الأولى، ولا شك!! قوسته البالغة".. وقديماً حكمت أثينا على غلام أمسك بطائر صغير، وأدخل مسمار في عيني الطائر، فحكم عليه -على ما يقولون- بالإعدام، وإذ تعجب الكثيرون كيف تكون العقوبة بالغة القسوة إلى هذا الحد،.. وكان الجواب: إن هذا الشاب لو شاب على ما هو عليه، فإنه بعد ذلك سيفقأ عيون الناس، وسواء صحت القصة أو لم تصح، فإن الكسندر هوايت وهو يتحدث عن يوآب يصفه أنه حجري القلب،.. وعندما يتحجر قلب الإنسان، فلن يبقى هناك أمل أو رجاء في شيء... وكارثة العسكريين أنهم أكثر الناس تعرضاً لقسوة القلب،.. إن الفرق الحاسم بين داود الذي عاش نفس الزمن كيوآب في حروب وفي صراع، أن داود عرف معنى "ضربة القلب" وهو يقترب بسلاحه من شاول إذ جرب في تلك اللحظة أن يقضي على خصمه، ورفض الانصياع للتجربة، على العكس من يوآب الذي أنشب سهامه الثلاثة في قلب أبشالوم، وربما لم يهتز له رمش، وبالتأكيد لم يذرف دمعة واحدة من العين!!.. إن الله وهو الكلي القوة والقدرة، هو أيضاً رحيم، بل أرحم الراحمين، وقد طوب المسيح الرحماء في قوله في العظة على الجبل: "طوبى للرحماء لأنهم يرحمون".. وإنها تجربة زاحفة مخيفة مروعة، أن يحس إنسان ما، ضعف الرحمة في قلبه، وقساوة المشاعر في نفسه، وعلى وجه الخصوص تجاه تعاسات الآخرين ومتاعبهم وآلامهم... والتجربة الثانية عند يوآب كانت الكبرياء، ولعله النجاح الذي صادفه في معاركه، والسيطرة الكاملة الشاملة على الجيش. قاداه إلى شموخ وارتفاع العينين، اسمعه عقب القضاء على فتنة أبشالوم وهو يقول لداود: "لأنك أظهرت اليوم أنه ليس لك رؤساء ولا عبيد لأني علمت اليوم أنه لو كان أبشالوم حياً وكلنا اليوم موتى لحسن حينئذ الأمر في عينيك، فالآن قم واخرج وطيب قلوب عبيدك لأني قد أقسمت بالرب أنه إن لم تخرج لا يبيت أحد معك هذه الليلة ويكون ذلك أشر عليك من كل شر أصابك منذ صباك إلى هذا اليوم"... أو في لغة أخرى أن هذا التهديد يبين لداود أن يوآب صاحب الفضل في كل شيء عليه، وأنه بدونه أو في حالة وقوفه موقفاً آخر، لن يضعف داود فحسب، بل أكثر من ذلك سيصيبه السوء الأكبر الذي لم ير نظيره في حياته،.. ومن الغريب أن النجاح ينتهي في العادة بالإنسان إلى واحد من موقفين، إما أن يزيده كبرياء أو يزيده اتضاعاً، وإذا كان يوآب يزداد شموخاً كلما صادف نجاحاً، كان داود على العكس يزداد انكماشاً واتضاعاً أمام الله، إذ لا يحس النجاح من فضله أو قدرته، بل بالحري من معونة الله ومساعدته وإحسانه ورعايته،... والتاريخ يشهد في كل العصور والأجيال أنه قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح... وإلى جانب هذا ظهرت روح الاحتقار وعدم المبالاة لداود عنده، وعند إخوته، وأخذت هذه الروح تتزايد لتنتقص من روح الولاء والتبعية، وقد لام بعضهم داود عندما صرخ عقب مقتل أبنير قائلاً: "وأنا اليوم ضعيف وممسوح ملكاً وهؤلاء الرجال بنو صروية أقوى مني يجازي الرب فاعل الشر كشره"...
وكان من المؤكد أن مثل هذا التصريح يشجع بني صروية، وينبههم إلى إحساس داود بضعفه إزاءهم، مما يدفعهم أكثر إلى الإغفاء أو الإغضاء عن مركزه الملكي العظيم، بل يشجعهم على الإدراك بأن داود إنما يقبلهم بدافع الخوف والرهبة، أكثر من الترحيب والمحبة، ويفسح لهم المجال للمزيد من أي تصرف أحمق أو شرير دون أدنى مبالاة،.. وكانت النتيجة الحتمية لكل هذه، سيطرة روح الأنانية على بني صروية إلى الدرجة التي جعلت بعض المفسرين يصورون أن الحكم في المملكة كان ظاهراً لداود، وكان في حقيقته لبني صروية، والأنانية ميكروب رهيب إذا لم يكافح في النفس البشرية سيستشر ي ويقضي على كل ما عرفت من أمجاد وفضائل، وسينتهي بصاحبه إلى عبارة لويس الخامس عشر المشهورة: أنا وبعدي الطوفان، ويكشف الإنسان صورته البشعة التي وصل إليها، والتي كان يظن أنه من المستحيل أن يتخيلها،.. وهل كان من المتصور أن تصل العلاقة بين داود ويوآب إلى أسلوب المساومات الخفية، كأن يغض أحدهما الطرف عن شيء مقابل إغضاء الآخر عن شيء مقابل؟؟ وقد ظهر أسلوب هذه المساومة في أبشع صورة، في مقتل أوريا الحثي، إذ كان على يوآب أن ينفذ تعليمات داود الخفية بالقضاء على الرجل، ليحفظها له، ملوحاً بها، إذا رام الملك أن يحتج على أي عمل أو تصرف قد يقوم به مهما كان شكله ولونه وعيبه،.. هذا اللون من المساومة على ستر الفضائح مقابل الثمن البشع المعيب، كثيراً ما قوض الممالك وأسقط الجبابرة، عندما يستعلن الخفي ويظهر المستور، وقد استخدمه يوآب في كثير من الأوضاع دون أن يجرؤ داود على مكافحته أو عقابه!!... وإذا أضفنا إلى ما سبق روح الغدر التي امتلأ بها الرجل، وقد ظهرت في واقعتي قتله لأبنير بن نير وعماسا بن يثر القائدين العظيمين، وإذا جاز أن يتلمس لنفسه عذراً في أنه قتل أبنير انتقاماً لأخيه عسائيل، فإن غدره البشع لعماسا، إذ طعنه، وهو يقبله ممسكاً بذقنه، يذكرنا بالقبلة الأخرى. أشهر قبلة غدر في التاريخ: "أبقبلة تسلم ابن الإنسان"؟!..
يوآب ومآسيه
وربما تدور مآسي يوآب كلها في عبارة قالها الكتاب: "لأن يوآب مال وراء أدونيا ولم يمل وراء أبشالوم"... ولنا بعد ذلك أن نتصور إنساناً بدأ بالخط المستقيم وانتهى بالانحراف،.. وما هي الخطية في المعنى اللغوي للأصل العبراني؟ إنها كما يقولون، أما القصور في الوصول إلى الهدف أو الانحراف عنه، كرامي السهي الذي لا يصيب الهدف، إما لأنه قصر في الوصول إليه، أو انحرف عن المرمى، وهذا ما فعله يوآب، بانحرافه عن الخط المستقيم،... ولعله من المثير أن نلاحظ أن الذي يريد أن يعبر النهر، عندما يبدأ في السباحة، وعيناه متجهتان نحو نقطة الوصول على الشاطيء الآخر، يكتشف -وهو لا يدري- أنه تباعد بعيداً عن النقطة بدافع التيار، إلى نقطة أخرى لم يكن يتصور أنه سيصل إليها، وبهذا المعنى مال عن الخط المستقيم بين نقطة الانطلاق ونقطة الوصول. إن حياة الإنسان على الأرض ليست نزهة في حديقة، أو روضة أؤ جنة يسير فيها كما يشاء، ويتمشى كما يحلو له،... بل هي رحلة في برية مجهدة مضنية متعبة، يحتاج فيها بين الحين والآخر، إلى ما يقوله إشعياء: "وأذناك تسمعان كلمة خلفك قائلة هذه هي الطريق اسلكوا فيها حينما تميلون إلى اليمين وحينما تميلون إلى اليسار"... والرحالة لا يستطيع الاستغناء عن "البوصلة" التي تعينه على تبين معالم الطريق، في أمكنة يسهل أن يتوه فيها مهما بلغ من حكمة أو فطنة،... ولهذا فإننا في رحلتنا إلى الله ينبغي أن نتوقف بين الحين والآخر لفحص النفس، بل أكثر من ذلك إلى الرجاء أن يفحصنا الله: "اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري وانظر إن كان في طريق باطل واهدني طريقاً أبدياً".
فإذا أضيف إلى ذلك أن الحياة في المفهوم المسيحي، لا تعرف التوقف، ومهما بلغت من كمال على الأرض، فإن هذا الكمال نسبي ينتظر كمالاً أعظم، وهي أشبه بالطالب في المدرسة، لو أخذ درجة الكمال في الدراسة الابتدائية... فإن هذا الكمال يطالبه بكمال آخر في الإعدادية أو الثانوية أو الجامعة أو الأبحاث المتزايدة في العمل،... وهو في هذا كله يمكن أن يقول ما قاله الرسول بولس: "أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت... فليفتكر هذه جميع الكاملين منا"...
ولعلنا نذكر في هذا الشأن القصة المعروفة للمثال ثور والدش، وكيف أن هذا الرجل العظيم، كلما صنع تمثالاً يدعو أصدقائه الفنانين ليأخذ رأيهم فيه، وكانوا يتحدثون إليه، عن نقط الجمال، والقوة، والضعف، وكان يسر دائماً أن يرى عيباً يتلافاه في تمثال آخر، حتى حدث أنهم ذهلوا ذات مرة وعجزوا أن يتبينوا عيباً في قطعة فنية أبدعها، وصفقوا لها جميعاً، وتعجبوا أن رأوه في تلك اللحظة يبكي، وإذ سألوه عن السر في البكاء، أجاب: لقد انتهيت، ووصلت إلى النقطة التي لا أستطيع أن أرتفع بعدها إلى نقطة أعلى، وهذا معناه أني بدأت النزول،.. في كل المرات السابقة، كان هناك شيء ينبغي أن أصلحه وأتلافاه، ولم يعد الآن ما أصلحه. إن الطريق دائماً أمام كل عظيم مليء بما يحتاج معه إلى المراجعة والتبصر، ولهذا نرى يوآب وقد عجز عن إدراك هذه الحقيقة، لم يمل مع أبشالوم، ومال مع أدونيا!!..
ولعله من اللازم أن نلاحظ أيضاً أن يوآب قاوم التجربة الأكبر، وعجز عن مواجهة الصغرى،.. لم يمل مع أبشالوم، ومال مع أدونيا، مع أن تجربة أبشالوم كانت أقسى بما لا يقاس من تجربة أدونيا،.. لقد استمال أبشالوم الأمة بأكملها، ووضع داود والقلة التي معه في أدق المواطن، على العكس من تجربة أدونيا التي لم ينظم الانقلاب فيها بالصورة الأولى،.. ومع ذلك فإن يوآب كافح التجربة الأقسى، وعجز عن مواجهة التجربة الأصغر والأضأل نسبياً،..
وقد يكون هذا غريباً وعجيباً، ولكنها الحقيقة التي ينبغي أن تنظر إليها بكل إمعان ودقة، ... في قصة الكوميديا الإلهية كشف دانتي في خياله العظيم، وصور تخوفه من الذئبة المطاردة أكثر من الأسد المهاجم، وذلك لأن أسلوب الذئبة في المطاردة يختلف عن أسلوب الأسد،.. فالأسد يستجمع كل قواه ويسرع بالهجوم، على العكس من الذئبة التي لا تهاجم في الحال، بل تطارد الفريسة حتى يصيبها الإعياء وعندئذ تنقض عليها، وتفتك بها،..
في مطلع الحياة الروحية يكون الإنسان مثالياً نبيلاً قوياً مترفعاً، تحكمه القواعد العظمى للمثل العليا،.. فإذا به يدوس الذهب وقد يكون فقيراً، ويرتفع إلى أعلى المستويات مهما واجه من إغراء، أو وقف في طريقه من تهديد!!.. على أنه بعد سنوات متعددة من الكفاح والتعب، قد يأتيه الملل، أو يأخذه الإعياء، أو يصيبه الضيق، ويهمس الشيطان في أذنيه: ألم تكن مغالياً فيما ذهبت إليه؟.. وماذا أخذت فيما وصلت إليه، وقد سبقك من هم أصغر أو أقل أو أضعف؟!!.. وما عجز عنه الأسد، تصرعه الذئبة الشريرة القاسية!!.. لم يمل مع أبشالوم ومال مع أدونيا!!..
إن حاجة المؤمن الكبرى في زحامة الحياة إلى الصبر، وبصبركم اقتنوا أنفسكم. في سنة 1871 ذهب ستانلي إلى أفريقيا يبحث عن لينفجستون، وهناك وجده بين الأدغال، وقد قضى معه بضعة شهور،.. وقد اهتز استانلي، بل اختبر المسيحية الحقيقية، وهو يرى الرجل العجيب في صبره غير المتناهي، أمام ما لا ينتهي من المتاعب والعقبات والصعاب والمشكلات!!..
على أن صورة هذا الميل لا يمكن أن تكون واضحة إلا إذا اكتشفنا الأمر الأهم والأخطر. إن ميل يوآب أفقده الرؤية الصحيحة. إذ لم يعد يرى الله، وإذا كان شمشون بلغ غاية المنحدر بمفارقة الله وهو لا يعلم، وإذا كان شاول قد تهاوى من مركزه العظيم، لأن الرب قد فارقه ولم يعد يكلمه أو يجيبه لا بالأحلام ولا بالأنبياء، فإن يوآب قد ضل الطريق لأنه لم يعد يرى الله،... لقد نشأت الملكية في إسرائيل بالمفهوم أن الملك هو مسيح الرب الذي اختاره الله، وليس بمجرد الاستحسان البشري، وكان ملك إسرائيل الأول شاول مختار الرب،... ومع أن هذا الملك قد انحرف، وتخلى عنه الرب، إلا أن داود كان حريصاً على ألا يمسه بأذى للفكر المقدس، إن مسحة الرب عليه ولا يمكن لأحد أن ينتزعها إلا الله نفسه،.. وقد كان هذا الفكر عميقاً عند أبيشاي إلى الدرجة التي شجعته على طلب قتل شمعي بن جيرا لأنه سب مسيح الرب،.. ومن المؤكد أن هذا هو السبب الذي جعل يوآب يقاوم ثورة أبشالوم ويقضي عليها، لأنه لم يكن معيناً من الرب، ولأنه يريد اغتصاب صاحب الحق الإلهي الشرعي في الحياة،.. كان كل هذا صحيحاً وواضحاً، ويوآب مفتوح العينين نحو الرؤيا الصحيحة التي تعرف ماذا يريد الرب!!.. على أن هذه الرؤيا لم تعد واضحة أو مبهمة أو مطلوبة، بعد أن تدخل الميل البشري أو العوامل الشخصية، والبادي أن العلاقة تزايدت فتوراً بين داود ويوآب، وأحس يوآب أن الملك وقد أضحى شيخاً، ولم يعد يعطيه الاهتمام الواجب أو الذي يطمع فيه وأن شخصيته لم تعد الشخصية التي تتجه إليها الأنظار والأضواء.. كل هذا ترك أثره في نفسيته.. وهو لهذا ليس في حاجة إلى أن ينتظر وفاة الملك للبحث عن آخر، وإذا كان الملك يرى في سليمان الأصلح لوراثة العرش، وأن هذا هو الشخص المعين من الله،.. فإن يوآب فقد تماماً هذه الرؤية، والذي لم يمل مع أبشالوم مال مع أدونيا...
... هذا هو الدرس الآخر التعس الذي يعطيه هذا القائد القديم مع أدونيا، وسائر الذين ساروا في ركابهما في تحدي سلطة داود وإرادة الله، وفقا لميولهما وأهوائهما ونزواتهما، وهو واحد من أهم الدروس التي تقوم عليها الحياة، وهو "بدون رؤيا يجمح الشعب"... ولو عقل الإنسان لأدرك الحقيقة العظيمة البالغة الأثر، إننا لسنا مخترعين في الحياة، بل مستكشفين، وأن الإنسان كفرد أو كبيت أو كأمة، يقترب من الراحة أو التعب، على قدر إدراكه لهذه الحقيقة والتمشي معها أو رفضها،... لقد سبق الله فرتب لكل واحد منا قصته بتفصيلها ودقائقها: "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها"...
والحياة لهذا تدور على محور واحد: "يا رب ماذا تريد أن أفعل"... إن الله لا يمكن أن يترك لكل واحد منا أن يخطط لنفسه حياته أو مصيره لسبب بديهي بسيط، إن قصة الحياة البشرية لا يمكن أن تسير صحيحة أو كاملة دون أن يحدد الله دور كل واحد في مسرحيته في الحياة، مرتبطاً ومتفاعلاً مع الآخرين، وهذا يقتضي تحديد علاقته بالآخرين، الأمر الذي لا يمكن أن يتم لو ترك كل إنسان يعمل مستقلاً عن الآخرين أو بعيداً عنهم، وبالتالي لا تسير الحياة وفق تخطيط الله، الذي خلق كل شيء ليتمم إرادته، ويعلن مجده!!.. إذاً ليس هو أدونيا أو أبشالوم، أو سليمان أو الصراع على السلطة أو الثورة هنا أو هناك في حياة الناس على الأرض وما يمكن أن تتمخض به عن مآسي ومتاعب وآلام وأوجاع،... بل هي الرؤيا الصحيحة لإرادة الله التي تجنب كل هذا، وتسعد وتبتهج حياة البشر كلما اقتربوا منها،... لم ينظر يوآب ليبحث عن هذه الإرادة، أو بالحري لم يتفق معها، ورفضها، إذا كانت تتجه نحو سليمان، وهذه هي تعاسة الإنسان على الأرض الذي كان يمكنه تجنبها، والوصول إلى الراحة الكاملة والسعادة الموفورة، لو عنى فقط باكتشاف ماذا يريد الله له أو منه في الحياة!!
هنا الميل عن الله، وفقدان الرؤيا، سينتهي بصاحبه إلى الخوف والفزع والتطير، فما أسرع ما عرف أدونيا بخبر تنصيب سليمان على العرش حتى خاف وفزع إلى الدرجة التي لم يجد معها مكاناً سوى التعلق بقرون المذبح، وقد تسامح معه سليمان، حتى عاد يطلب أبيشيج الشونمية حاضنة أبيه زوجة له،.. وأعتقد سليمان أن هذا الطلب يمثل لا مجرد الزواج بفتاة جميلة، بل أنه رأس الأفعى عادت تطل من جديد، وأن خلفه شبح مؤامرة جديدة، بعد وفاة أبيه، ويبدو هذا من قول سليمان لأمه: "ولماذا أنت تسألين أبيشج الشونمية لأدونيا؟ فاسألي له الملك لأنه أخي الأكبر مني ولأبيثار الكاهن وليوآب ابن صروية".. ومن المؤكد أن سليمان كان يرى في أدونيا أو يوآب أو شمعي بن جيرا خطورة على مركزه الملكي، ولعله هذا ما كان في ذهن داود وهو يوصي ابنه بالنسبة لهذين الأخيرين،.. وعلى أي حال فإنه من الملاحظ أن طريق الميل، لا نهاية لها، حتى تقف بصاحبها إلى حافة الهاوية، وإن كان من الممكن للإنسان في أية مرحلة، التوقف عن هذا الميل ومراجعة النفس، حتى ولو وقف على باب الجحيم،.. لقد رفض واحد من اللصين اللذين صلبا مع المسيح هذه المراجعة، فانتهى إلى مصيره التعس، وأمكن للآخر أن يراجع النفس في اللحظة الأخيرة، فأمسك بالحياة الأدية، وذهب إلى الفردوس،.. وكان يمكن ليوآب أن يراجع موقفه لكنه للأسف، كان شوكة في جنب داود، وكان يمكن أن يكون كذلك مع سليمان أيضاً!!... وسار يوآب في طريق الانحراف والميل، حتى انتهى به آخر الأمر إلى التعلق الخرافي بقرون المذبح، وهو يظن أنه كما عفى سليمان في الابتداء عن أدونيا عندما فعل هكذا، فإنه سيعفي عنه، وكان هذا للأسف البقية الباقية من دين الرجل أو علاقته بالله، وما أكثر الذين على الدوام فعل يوآب بن صروية الذين وصفهم إرميا: "ها أنكم متكلون على كلامهم الكذب الذي لا ينفع، أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهة لم تعرفوها ثم تأتون وتقفون أمامي في هذا البيت الذي دعي باسمي عليه وتقولون قد أنقذنا"...
إن هذا التعلق لم ينقذ يوآب من مصيره التعس، وكان أحرى به أن يجد تعلقاً آخر: "لأنه تعلق بي أنجيه، أرفعه لأنه عرف اسمي"... لم يسقط يوآب في المعركة جندياً شجاعاً شريفاً، لقد سقط الرجل منذ سنوات متعددة في منزلقات الخطية القاسية، ولم يمل مع أبشالوم، ومال مع أدونيا، وذهب هو وشمعي وأدونيا إلى المكان أو المصير المحزن التعس: "لأنه هوذا البعداء عنك يبيدون تهلك كل من يزني عنك أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي جعلت السيد الرب ملجأي لأخبرك بكل صنائعك"...

Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 216
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
العمر : 31

https://class2010.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى