تلمذة مع المسيح
يربعام 000000000 N90rrh8femc2


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تلمذة مع المسيح
يربعام 000000000 N90rrh8femc2
تلمذة مع المسيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» قداس ابونا بيشوي علي قناة c t v
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 11:55 pm من طرف naderegyptair

» ترنيمة يا يسوع تعبان
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالخميس مارس 15, 2012 8:56 am من طرف زهرة المسيح

» هااااااااااااااااااام جدااااااااااااااااااااااااااااا
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:17 pm من طرف البابا كيرلس

» جسد القديس العظيم ماسربل
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:12 pm من طرف البابا كيرلس

» يسوع باعت رساله لاولاده النهارده
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:59 pm من طرف البابا كيرلس

» ارجو الصلاه من اجل البابا
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:50 pm من طرف البابا كيرلس

» لماذا اختار المسيح ان يموت مصلوبا
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:41 pm من طرف البابا كيرلس

» هل يوجد حلال وحرام فى المسيحية
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 07, 2012 8:06 pm من طرف البابا كيرلس

» عارفة يعني إيه إحنا أصحاب ؟
يربعام 000000000 I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 8:51 pm من طرف Admin


يربعام 000000000

اذهب الى الأسفل

يربعام 000000000 Empty يربعام 000000000

مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 07, 2011 1:02 am


مقدمة
في أثناء الحرب العالمية الأخيرة حدث عطب بليغ في طائرة كان يقودها طيار أمريكي كلف بالهجوم على أحد المواقع في ألمانيا، وإذ كان مهدداً بالخطر في كل لحظة، ظل يصلي بحرارة ليحفظه الله حتى يصل إلى قاعدته في انجلترا،... وعندما شعر بالأمن والنجاة، نسى في اللحظة التي رست فيها طائرته بالمطار الصلاة والصلة بالله، وصاح: الآن قد انتهت مأموريتك يا الله،.. وعاد إلى ما كان عليه من حياة عابثة مستهترة. إنه يذكرنا بيربعام القديم الذي أرسل إليه الله أخيا النبي يحدثه حديث البشارة والوعد بالمساندة الإلهية: "وآخذك فتملك حسب كل ما تشتهي نفسك وتكون ملكاً على إسرائيل فإذا سمعت لكل ما أوصيك به وسلكت في طرقي وفعلت ما هو مستقيم في عيني وحفظت فرائضي ووصاياي كما فعل داود عبدي أكون معك وأبني لك بيتاً آمناً كما بنيت لداود وأعطيك إسرائيل".. وكان من الممكن أن يسير الرجل في طريق الله محمولاً على هذا الوعد الجليل العظيم -لكنه للأسف العميق- انفصل يربعام عن مصدر قوته، ونبع حياته ونعمته، واستندإلى الذكاء البشري الخائب، الذي لم يضيعه فحسب، بل ضيع الأمة كلها معه، وأضحت العبارة الرهيبة التي لصقت به وتكررت في سفر الملوك عنه ثلاث وعشرين مرة: "أخطأ وجعل إسرائيل يخطيء".. لقد جاء به الرب ليصلح خطأ إسرائيل، فكان هو الرجل الذي جعل إسرائيل يخطيء، لقد أرسله الله لينقذ إسرائيل من هاوية الوثنية والضلال، فإذا به يقود الإسرائيليين إلى صور تعسة من الوثنية البشعة- التي باعدت بهم تماماً عن الله،.. ومن المؤلم حقاً أن الرجل الذي تنبأ بمساعدة الله له، هو بعينه الذي تحدث عن خرابه ودماره الرهيب: "لذلك هأنذا جالب شراً على بيت يربعام وأقطع ليربعام كل بائل بحائط محجوزاً أو مطلقاً في إسرائيل وأنزع آخر بيت يربعام كما ينزع البصر حتى يفنى من مات ليربعام في المدينة تأكله الكلاب ومن مات في الحقل تأكله طيور السماء لأن الرب تكلم... إنها القصة الرهيبة لأول ملك من ملوك ويمكن أن تكون قصة كل إنسان يبدأ مع الله ثم يرتد عنه، ولعلها تعطينا بذلك أهم الدروس وأرهبها فيما يلي:
يربعام العصامي
كان يربعام عصامياً بكل ما في الكلمة من معنى، إذ أنه لم ينشأ في بيت الملوك، بل كان واحداً من أبناء الشعب، يبدو أن أباه نباط قد مات وهو صغير، واسم أمه صروعة، أرملة من صرده، وهو من سبط إفرايم، وخير ما يصفه الكتاب به أنه جبار بأس، ويبدو أنه كان موهوباً، كثير الوزنات، بارز الشخصية، عبداً للملك سليمان، وكان سليمان يبني القلعة ويرمم أسوار أورشليم، ولفت نظره ذلك الشاب الممتليء بالقوة والحركة والإرادة والخدمة، فأطلق يده، وجعله على رأس سبط يوسف،.. ولا شبهة في أن الشاب، كان من ذلك الصنف من الشباب الذي له ملكة القيادة والتأثير، في أي وسط يمكن أن يعيش فيه، وجذب قلب سليمان في باديء الأمر،.. وأكثر من ذلك جذب قلب الشعب بأكمله، إذ رأوا فيه الزعيم الفرد الذي يمكن أن يخلصهم من طغيان الملك سليمان، ولم يكن هناك في إسرائيل كلها من يدانيه أو يباريه في هذا المجال، ومن ثم دعوه سراً للرجوع من مصر التي هرب إليها، ليقودهم إلى الأمن والهدوء والحرية، التي ضيعها سليمان بالسخرة القاسية التي عذبهم فيها،.. وقد جذب في مصر قلب الملك شيشق إليه، وتقول التقاليد أنه تزوج أميرة مصرية اسمها "أنو".. فإذا كانت هذه الأميرة هي أم ابنه أبيا، فإن الظاهر أن بداءات الرجل الدينية كانت عظيمة، وإذا كان الولد قد ولد في مصر، فإنه أطلق عليه الاسم الذي يعني: "أبي يهوه".. ما يدل على تمسك الرجل بإلهه وعقيدته ودينه، دون أن تؤثر مصر فيه أدنى تأثير، بل أنه على استعداد أن يترك مصر وما يتمتع فيها بجلال ومجد وحرية، ليذهب إلى إخوته المعذبين، ليشاركهم التعب والألم والضيق ليقودهم إلى الحرية والراحة، وتحقيق الوعد الإلهي له بالملك بعد وفاة سليمان!!..
يربعام المحذر
لم يرسل الله يربعام دون تحذير، لقد وعده الله بصورة لامعة، أن يكون له بيت كبيت داود بيت عظيم آمن، وأن يكون الله معه كما كان مع داود.. والسؤال: ترى ما هي الصورة التي كانت في قلب الله لو أنه أتم تنفيذ وصية الله؟؟ لسنا نعلم وليس من السهل أن نتخيل، لكننا مع ذلك يمكن أن نتخيل ما تخيله الواعظ المشهور هوارس بوشنل في عظته العظيمة: "حياة كل إنسان مشروع من الله": إذ تخيل أن لكل إنسان مشروعاً كاملاً وصحيحاً معداً له في قلب الله، تخطيطاً إلهياً، لو أن الحياة سارت على مثاله، لأضحت بجملتها كاملة وجميلة، تبدو اختياراً رائعاً، يتكشف عنها، قصد الله، كما تكشف يده العظيمة عن جمال الزهور والأشجار في الطبيعة الفاتنة، أو الدراما المتقنة في الفن الجميل، أو الدراسة العظيمة التي تفصح عن جمال الله العجيب، وحبه، وأمانته، العظيمة في التصوير، والعظيمة في الإبداع، والعظيمة في الأعداد والتنفيذ.. والله على استعداد أن يتمم هذه الخطة الكاملة، وقد أتمها كاملة في يسوع المسيح، لو أننا مثل المسيح في الخضوع والطاعة والتسليم الكامل له،.. و "هوراس بوشنل" يعتقد أن المسيح وحده هو الذي أتم مشيئة الله بصفة مطلقة كاملة، ولكن الناس تختلف إلى أبعد الحدود في الاقتراب أو الابتعاد من الصورة الإلهية، على قدر ما تملك من خضوع أو تسليم أو تمرد على التخطيط الإلهى!!.. على أي حال لقد وضع الله صورة لامعة أمام يربعام بن نباط، وقرنها بالتحذير مرة ومرات، وكان حرياً بيربعام أن يدرك هذه التحذيرات الجدية، والتحذير الأول جاءه بدون شك، من قسمة المملكة إلى قسمين، للخطية التي ارتكبها الشعب: "لأنهم تركوني وسجدوا لعشتروت آلهة الصيدونيين ولكموش إله الموآبين ولملكوم إله بني عمون ولم يسلكوا في طرقي ليعملوا المستقيم في عيني وفرائضي وأحكامي"... وكان على يربعام أن يدرك أن القسمة في حد ذاتها مكروهة من الله، الذي يوحد ولا يقسم، ويجمع ولا يفرق، ويربط ولا يشتت، ولكن الله مرات متعددة يعمد إلى التشتيت والتفرقة كلما فعلت الخطية فعلها، وأثمرت ثمارها، فإذا كانت كبرياء الإنسان في بابل تدفعه إلى بناء برج مرتفع شامخ نحو السماء يشهد مجده وعظمته، إلى الدرجة التي يقول فيها فيلو اليهودي السكندري: إن كل واحد من بناة البرج سجل على طوبه الأجر، حتى يخلد الاسم، ويرتبط الجميع في التحدي لله، وهم متجمعون، قبل انتشارهم في الأرض أو تبعثرهم فيها، وبلبل الله لذلك ألسنتهم حتى لا يبقوا على وحدة في الكبرياء والعصيان والشر،.. فإذا كان شعب الله قد ضل أيام سليمان، وانحرف وراء الآلهة الكاذبة، وإذا لم تكن القسمة الصورة الأعلى والأسمى والأجمل أمام الله، فلعلها يمكن أن تكون الحاجز أو المانع أمام الكارثة الكلية التي تصيب الشعب، لقد وضع الله -أصلاً- إسرائيل في الأرض لتكون نوراً للعالم وملحاً للأرض، وكان على إسرائيل أن تحقق هذه الرسالة بالاتحاد والعزلة والنقاوة، ولكن سليمان حطم وحدة الشعب بالتسخير القاسي، والعبودية المذلة، حتى أصبح الشعب لا يؤمن بوحدة في ظلال الاستعباد والعنف، واستقر في قلبه الغضب والحقد والكراهية، كما أن عزلة إسرائيل كانت أمراً ينبغي أن يحرص عليه هذا الشعب، لكن سليمان أفسد هذه العزلة إذ اختلط بالشعوب الأخرى عن طريق المعاهدات والالتصاق بالموآبيات والعمونيات ومن اليهن، وكان لابد أن تنتهي نقاوة الشعب وقداسته تباعاً لذلك، إذ تغلغلت العبادة الوثنية فيه، ووقفت الأصنام منتصبة تجاه هيكل الله،.. فرأى الله أن يقسم الشعب، لأن الانقسام خير من وحدة تظاهرية، لا تربطها الحقيقة بسبب، كما أن الانقسام قسم لمعاهدات لسليمان، أو بالتالي قتل لها، وبالانقسام أيضاً يضحي هناك نوران لله،.. فإذا ما أخفت أحدهما يكون الآخر مضيئاً، كما أن إسرائيل سيكون بعد ذلك سوراً ليهوذا، وعازلاً بينه وبين الغزوات التي قد يتعرض لها من تسرب الأمم الوثنية، حتى لا يزول قضيب من يهوذا، ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع شعوب!!.. فإذا كان هذا هو القصد العميق البعيد لله، فإن يربعام قد تأكد بأن الانقسام قد جاء نتيجة خطية الشعب، وبعده عن الله، وأن الانقسام ليس عملاً بشرياً في حد ذاته، كثورة يقوم بها يربعام ضد التسخير القاسي والاستعباد الرهيب، بل إن جذوره الحقيقية ترجع إلى غضب الله لشعب قد أخطأ ضده وعبد آلهة غريبة!!.. والتحذير الثاني جاء في الشرط الذي وضعه الله أمام يربعام أن نجاحه مرهون بأربعة أفعال: "فإذا سمعت.. وسلكت... وفعلت... وحفظت..." ولو أنه وضع وصية الله هذه كقلادة في عنقه وأخذها وشاحاً ينظر إليه على الدوام لتغير تاريخه بأكمله!!.. إن من واجبه أن يسمع أولاً صوت الله، وأن تكون أذنه دائماً مفتوحة للوصية الإلهية،.. على أن الأمر أكثر من ذلك، إذ لابد أن يتلو السمع السلوك أو السير في الطريق الإلهي... والسلوك لا ينبغي أن يكون نظرياً، بل يتسم على الدوام بالفعل والعمل،.. وسيبقى الفعل والعمل مصابين بالتمسك والحفظ، حتى لا تؤثر فيهما أية تجربة أو إعوجاج.. ولو دعي يربعام هذا التحذير الواضح لربما تغير تاريخ إسرائيل وتاريخ العالم كله،.. وأرسل الله إلى يربعام وهو في منحدر الطريق، النبي الذي جاءه في بيت إيل وهو واقف لدى المذبح يوقد، وإذا طلب يربعام أن يمسك النبي، ومد يده، يبست هذه اليد حتى تضرع النبي وعادت إلى وضعها الطبيعي وانشق المذبح وذرى الرماد الذي عليه،.. وجاء التحذير الأخير على لسان ميخا في موت ابنه العزيز، والمصير الذي سيؤول إليه،.. ولو فعل يربعام ما فعله ملك نينوى بعد سماع نبوة يونان لما وصل إلى النهاية المفزعة التي بلغها آخر الأمر!!.. كم من الأصوات يعطيها الله للإنسان قبل أن يقضي قضاءه الكامل والعادل ضده!!...
يربعام المتعجل
كان أمر الله واضحاً ليربعام، إنه لن يكون ملكاً قبل وفاة سليمان: "وأخذ المملكة من يد ابنه وأعطيك إياها أي الأسباط العشرة"... لكن يربعام الشاب، وهو في ملء حماس الشباب، وقد استولى عليه الطموح، نسى التوقيت الإلهي، وتداخل الطموح مع المعاناة والقسوة والآلام التي يعانيها الشعب، فرفع يده ليضرب ضربته في غير الوقت المحدد أو المرتب من الله، وكان أن فشلت ثورته، واضطر إلى الهرب إلى مصر، ليعيش في المنفى حتى وفاة سليمان،.. لم يكن ليربعام عذر إبراهيم الذي لم يكن يعلم التوقيت المحدد لمجيء ابن الموعد، وتعجل بما جلب له أقسى المتاعب فيما بعد،.. ولم يكن له عذر موسى، الذي اندفع في قتله المصري، دون أن ينتظر موعد الله ليحرر الشعب، واضطر إلى الهرب لمدة أربعين عاماً في صحراء مديان، حتى حين الموعد الإلهي ليقوم بعمله المدبر له من الله،.. كان داود من أعظم الناس يقيناً بالتوقيت الإلهي، ومع المسحة الإلهية عاد إلى أغنامه يرعاها، وقبل التشريد والنفي والألم، حتى يأتي موعد الله، دون أن يختزله بضربة واحدة قاضية، عندما وقع شاول في قبضته: "وقال داود حي هو الرب سوف يضربه أو يأتي يومه فيموت أو ينزل إلى الحرب فيهلك"... وكان ابن داود أعظم الكل في مراعاة التوقيت الإلهي،.. وكانت لغته: "لم تأت ساعتي بعد". قال أحدهم: إن من أكبر مآسي الإنسان، الاستعجال وعدم الصبر،.. ففي المنازعات الدولية يريد الإنسان الخطوة القصيرة نحو السلام، فينتهي إلى الحرب،.. ويريد الوصول إلى الثروة بسرعة فيركض ليسقط متداعياً من الركض!!... إ وقت الله، لا وقتنا نحن هو الذي يقرر كل شيء، ويحكم كل شيء، ومن واجبنا أن ننتظر، ونصبر مهما بدا الصبر قاسياً وشديداً!!..
يربعام الذكي
على أنه إذا كان الله قد تجاوز عن خطأ يربعام في التوقيت. لكنه كان لا يستطيع أن يتجاوز عن خطيته الكبرى في استخدام ذكائه وحكمته البشرية... وقف يربعام على مفترق الطرق، وهو يعلم أنه مدين بعرشه لله الذي وعده وأوفى الوعد في الوقت المحدد، وكان يمكن أن يعلم أنه لن يستطيع أن يحافظ على هذا العرش أو ينتصر على الصعوبات المختلفة التي تواجه الملوك دون الاستناد إلى الله،... لكنه مع ذلك وقع في الخطية التي وقع فيها سليمان نفسه، ومن الغريب أن سليمان قال: "توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد في كل طرقك اعرفه وهو يقوم سبلك،.. ومع ذلك لم يسر سليمان الحكيم في الطريق الإلهي، وجاء بعده يربعام، وكان يمكن أن يتعظ بما آل إليه سليمان، لكه للأسف العميق لم يفعل، رأى أمامه الطريقين المختلفين: طريق الاتكال على الله، وطريق الذكاء البشري الخائب، وتنكب يربعام عن طريق الاتكال الذي كان سيعطيه بكل تأكيد الضمان الإلهي،.. وفضل الطريق الآخر، وأنت لا تسمع أو تحس في كل قصته أنه اتخذ أخيا الشيلوني مرشداً أو مشيراً أو ناصحاً، وكان يمكنه أن يجعل منه الصديق الذي يلازمه في كل شيء، حتى يأخذ النور الإلهي، والحكمة السماوية النازلة من فوق، ولكن يربعام شأنه شأن الملايين من الناس، الذي هم في حاجة إلى الله طالما هم في الضيق أو الخطر أو المأزق، ولكنهم على استعداد أن يقولوا له وداعاً إلى الأبد، متى جاء ما يسمونه النجاح أو الوصول إلى أهدافهم وأغراضهم، واستبدل يربعام بعد نجاح الثورة "الاتكال على الله" بالذكاء البشري الخائب، واستبدل المشير الإلهي، بالمشيرين البشريين،.. وكانت نقطة التحول الرهيب عنده: "وقال يربعام في قلبه".. "فاستشار الملك" وعندما يتحول الإنسان عن الله ليسأل ذهنه أو يستشير البشر فإنه لا يدري أنه يصنع نعشه بيديه، ويجري في طريقه المنحدر إلى الهاوية التي لا قرار لها!!...
وقد قاد الذكاء يربعام إلى أمرين خطيرين هما: الدبلوماسية البارعة، والخداع الديني. لقد طرأ أمام ذهنه أمر سياسي، وهو كيف يفصل بين يهوذا وإسرائيل إلى الأبد، وهو على استعداد هناك أن يذبح الدين على مذبح السياسة، وهو لا يستطيع أن يفكر بعد في الدين إلا بالمنطق السياسي؟ وهنا الكارثة الكبرى، إذ أن الدين يلتقي في العادة مع المبادىء الخلفية العليا، ولكنه في الكثير من الأوضاع والأشكال لا يستطيع أن يتمشى مع المنطق السياسي الممتليء بالخداع والمكر والغش والفساد والإفساد ويكفي أن هذا المنطق حتى فيما يبدو ظاهراً أنه الحق، كان يخفي وراءه أشر الغايات إلى الدرجة التي قيل معها، أن بسمارك السياسي الألماني الداهية، كان يتعمد أن يقول الصدق لا لأنه يرغب فيه، بل لأن الناس في العادة لا تصدق السياسيين، وتذهب عكس ما يقولون أو يعلنون، وهو يريد أن يقودهم بعيداً عن الصدق في شراك من الكذب،... فإذا كانت السياسة تصل بالإنسان إلى هذا الحد الذي يفسد في أغلب الأحايين أجمل الصور أنقاها وأروعها، فإن الذكاء والدبلوماسية يصبحان لعنة الحياة، ومنحدرها البالغ السقوط... وكان الأمر الثاني هو الخداع الديني، فيربعام يعلم أن النزعة الدينية متمكنة من الإنسان وهو لا يستطيع أن يناهضها أو يلاشيها، إذا فلماذا لا يربط الدين بالسياسة، وينشيء نوعاً من التزاوج بينهما؟ ولماذا لا يخدم الدين السياسة؟ ولماذا لا تخدم السياسة الدين؟ ولماذا لا يخفف عن الناس مشقة السفر إلى أورشليم في الأعياد؟ ولماذا لا يضع عجلين من الذهب أحدهما في أقصى الشمال في دان والآخر يبعد إلى الشمال الغربي من أورشليم في بيت إيل بإثنى عشر ميلاً، والدين لا يجوز أن يعسر الناس أو يكلفهم المتاعب والمشقات، وهو لا يريد بحال ما أن يغير المعتقدات، فقط يطورها حتى تبدو جميلة مقبولة، وعجلاً الذهب ليسا إلهين، ولا هو يقصد أن يكون كذلك، بل هما رمز للإله الواحد المعبود- والعجول في البلاد الزراعية رمز للخير، وهي تصلح بهذا المعنى رمزاً لإحسان الله ومجده!!.. إن يربعام يفرق بين المضمون والشكل، وهو لا يتعرض للمضمون، ولا يقبل أن أحداً يتعرض له، ولكنه فقط يغير الشكل، وهو في كل هذا لا يدري أنه يعمل عمل الشيطان نفسه، والشيطان لا يستطيع أن ينزع الإحساس الديني من البشر، أو الأبدية التي في قلوبهم، وهو لا يستطيع أن يمنع التيار الديني من أن يشق طريقه، إذ لا تجدي هنا أشد الحواجز أو السدود، وإذا كان الأمر كذلك فلا بأس من تحويل المجرى دون غلقه، حتى ولو تطلب أن يتحول الشيطان إلى شبه ملاك نور،.. وضع الشيطان في كل مكان في الأرض في مختلف العصور على مبدأ يربعام بن نباط ألوفاً وعشرات الألوف من عجول الذهب، وسينحني الناس، وسيخدعون بها، وأول المخدوعين هم أصحاب فكرتها، وسينسى الناس أصل الفكرة في إنشائها، ومعنى الرمز الذي قصدت به، لتتحول في ذاتها آلهة هم على استعداد أن ينادوا بها، ويضرعوا إليها، ويقاتلوا في سبيلها، وإذا احتاج الأمر أن يملأوا عنان السماء بالصراخ والهتاف لها، كما صرخ أبناء أفسس وهم يقولن: "عظيمة هي أرطاميس الأفسسيين"..
والذكاء البشري قد يجفل في مطلع الأمر قليلاً أو كثيراً، وهو ينجذب نحو هذا الخداع، ولكنه لا يلبث بعد ذلك لأن يصدقه حتى يصبح الحلو مراً والمر حلواً، والظلام نوراً والنور ظلاماً، والخير شراً والشر خيراً، وحق فيهم القول الإلهي: "لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله، بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء.. وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات... الذين استبدلوا من الله بالكذب واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك إلى الأبد آمين... وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق"...
لم يكن يربعام بن نباط يعلم بأنه في تلك اللحظة، لم يخطيء هو فحسب، بل قاد إسرائيل بكاملها خارج الحظيرة الإلهية لتتردي في الضياع والهلاك،.. أخطأ وجعل إسرائيل يخطيء!!..
يربعام المعاقب
كان العقاب الذي أصاب يربعام قاسياً ورهيباً، لقد انفض عن الله فانفض الله عنه، وكما وقع شاول في الحيرة القاتلة يوم لجأ إلى العرافة، وقع يربعام في ذات الحيرة، وهو يتساءل عن مصير أحب أولاده إليه "أبيا"، لقد فقد الشركة مع الله وامتيازاتها المباركة، وها هو في إفلاسه القاسي، لا يجد بديلاً لها!!.. وهل يستطيع الإنسان أن يستغنى عن الله وشركته، وحبه وإرشاده، وهدايته ومعونته؟.. إنه يوم يفعل ذلك سيجد العذاب نفسه. وفي القرن الماضي كان هناك أحد خدام الله واسمه "باركر"، وقد استمر هذا الرجل خادماً فترة من الزمن، ثم ارتد عن الخدمة، وأخذ ينتقل في أمريكا منادياً بالإلحاد، وحدث أنه كان يتحدث في فيلادلفيا في اجتماع كبير ضد الكتاب المقدس،.. وترك مجالاً بعد ذلك للأسئلة، فنهض واحد من الأصحاب المسيحيين الكويكرز وقال: أيها الصديق باركر.. إنك تعلن أن الكتاب المقدس مجموعة من الخرافات، وأن كل مبشر مسيحي مراء، ويعلم في قرارة نفسه بهذه الحقيقة، وأنه لا يذكر الحق، وقال باركر: نعم قلت هذا!!.. فقال له المسيحي: حسناً... ولكن ألم تكن أنت لعدة سنوات مبشراً مسيحياً؟ وإذ بوغت باركر بهذا القول صمت.. ثم قال: نعم ولكن كان هذا من زمن، وقد أقلعت عن التبشير!!.. وقال الآخر: حسناً يا باركر إذا لم تكن في ذلك الوقت مرائياً فإنه لا يمكن أن تصف كل خادم بالرياء،.. وإذا كنت في ذلك الوقت مرائياً فمن المحتمل أنك أنت الآن كذلك!!.. كما لا تنسى أن الكتاب يقول: سيقوم في آخر الأيام أنبياء كذبة مضلون، وهذا حادث الآن،.. ثم أسألك سؤالاً آخر: هل سمعت عن أم تعلم ابنها أن يكون ملحداً؟.. وعندما تحتضر أنت هل تفضل أن تحتضر ومعك الإيمان المسيحي، أم تفضل أن تموت مجرداً منه ومن وعوده؟.. كان الكلام شديد الوقع على باركر وعلى جميع الحاضرين،.. وقد عاد هذا الكلام باركر إلى الإيمان المسيحي مرة أخرى، وقد قضى سنواته الأخيرة يبذل جهده العظيم، ليغطي ما تسبب فيه في سنين الحماقة والإلحاد، ويقال أن تعبه في الخدمة، ومشقته القاسية فيها عجلاً بنهايته، ولكنه انتهى سعيداً بالرجوع إلى الشركة الإلهية مع الله،.. لم يعرف يربعام هذه العودة ويتمتع ببركاتها الجليلة العظيمة!!. بل ظل ممعناً في غوايته وحيرته بعد أن بعد عن الله، وعن إرشاده الإلهي العظيم.
لم تكن الحيرة فحسب هي التي ورثها ببعده عن الله، بل التعب والمشقة وعدم الراحة، إذ ظل طوال اثنين وعشرين عاماً قضاها ملكاً في الحروب والمتاعب والمنازعات التي حولت حياته الملكية جحيماً مستمراً، لقد ظن وهو ذاهب إلى الملك أنه سيجد الفردوس، ولم يدر أنه سيلتقي هناك بالجحيم...
من طريف ما يذكر أن خادماً لله، شعبياً تعود أن يعظ في الشوارع متنقلاً من مكان إلى مكان، وبينما هو يعظ ذات مرة سأل أحدهم بإصرار: أين يوجد الجحيم؟ وأجاب الواعظ- وكان اسمه بش: لم أدرس في الجغرافيا مكانها، لأن مهمتي لا أن أقود الناس إليها، بل أن أمنعهم من الذهاب إلى المكان،.. ولكنك إذا كنت تصر على معرفة المكان فأنا أقول لك أين تجده؟!! هل سمعت عن اليهودي العظيم داود الملك (كان السائل يهودياً)؟ إن هذا الملك وهو يسلم الملك لابنه قال له فيما قال من وصية عظيمة: "وأنت يا سليمان ابني أعرف إله أبيك واعبده بقلب كامل ونفس راغبة لأن الرب يفحص جميع القلوب ويفهم كل تصورات الأفكار فإذا طلبته يوجد منك وإذا تركته يرفضك إلى الأبد"... وأنت ولا شك تعرف اللغة العبرانية أكثر مني، لكني أود أن أقف عند الكلمة "يرفضك" هل تعلم ماذا تعني؟ وأمسك بكتاب في صورة من يهم برميه وقال: إنها تعني أن يطرح بعيداً عن العين ورلى الأبد.
قال بولس وهو يتحدث إلى التسالونيكيين عن عقاب الشيطان: "وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه".. إذا كنت تجد هذا المكان فهو الجحيم، وستجد الطريق إليه برفض الرب".. وقد عرف يربعام هذا الطريق عندما أدار ظهره للرب الذي جاء به إلى الملك!!...
مرض أبيا الابن العزيز للملك، وكان الملك شديد القلق على ابنه، وأراد أن يعرفه مصيره، وهنا تذكر الرجل القديم أخيا الشيلوني وهو لا يستطيع أن يذهب إليه بعد أن نبذه، فلماذا لا تذهب أم الشاب متنكرة؟ ومن المرجح أنها "أنو" المصرية، وكان أخيا قد فقد بصره، ولكنها عندما دبت قدماها على مقربة منه، حدثها بالإعلان الإلهي، ليخبرها بمصير الشاب، ومصير البيت كله، وسيترفق الله بالشاب وحده، فسيموت ويدفن ويندبه جميع إسرائيل، لأن هذا وحده من يربعام يدخل القبر لأنه وجد فيه أمر صالح نحو الرب إله إسرائيل في بيت يربعام، تقول التقاليد أنها نقمته الشديدة على عجلي الذهب ومقاومته لهما!!... ومات الشاب عندما وطأت أقدام أمه عتبة الباب، كان شاباً عظيماً ممتازاً، بكاه الإسرائيليون جميعاً، ولعل يربعام أباه فعل ما فعله الملك هنري ملك الإنجليز الذي قيل عندما مات ابنه الأمير وليم غريقاً في سفينة كانت تسمى "السفينة البيضاء" أن الابتسامة لم تعل قط شفتيه بعد هذا الحادث!!
وإذا كان هذا هو أخف ما ناله يربعام، على هوله ورعبه، فكم يكون مصير البيت، الذي جعل القدير السرمدي قلبه ويده على إبادته والقضاء عليه بغيظ شديد، وترصده للتنكيل به على أفجع الصور،.. ومن المعتقد أن الله ضرب يربعام نفسه بضربة فجائية فمات بضربة الله، وسار البيت في أعقابه تلاحقه ضربات القدير!!..
لم يقتصر العقاب على يربعام أو على بيته، بل امتد إلى الأمة كلها، لقد فتح لها يربعام طريقاً إلى النهاية البشعة، ومن المحزن أن هذه الطريق سار فيها الملوك الذين جاءوا بعده حتى لحقتهم العبارة المشئومة: "سار في طريق يربعام بن نباط".. وقد كان بيت يربعام مثالاً للأمة كلها، لقد فتح يربعام الطريق إلى زوال الأسباط العشرة، الذين تمزقوا في السبي، تمزق الرداء الذي مزقه أخيا الشيلوني.. حقاً إن البر يرفع شأن الأمة، وعار الشعوب الخطية!!...
ماذا جنى الرجل بملكه وماذا أخذ؟ لقد سطرت الكاتبة الإنجليزية چورچ أليوت- وهي التي بدأت في حياتها بداءة يربعام، وانتهت إلى ما يشبه نهايته- عبارة حقيقية، هي الحكمة بعينها: "ليس هناك شيء في الدنيا يستحق أن يرتكب الإنسان الخطأ من أجله".. أجل وهذا حق تماماً غفلت عنه الكاتبة الإنجليزية، وغفل عنه يربعام بن نباط الذي أخطأ وجعل إسرائيل يخطيء!!..

Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 216
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
العمر : 31

https://class2010.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى