تلمذة مع المسيح
يوحنا المعمدان 00000000 N90rrh8femc2


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تلمذة مع المسيح
يوحنا المعمدان 00000000 N90rrh8femc2
تلمذة مع المسيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» قداس ابونا بيشوي علي قناة c t v
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 11:55 pm من طرف naderegyptair

» ترنيمة يا يسوع تعبان
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالخميس مارس 15, 2012 8:56 am من طرف زهرة المسيح

» هااااااااااااااااااام جدااااااااااااااااااااااااااااا
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:17 pm من طرف البابا كيرلس

» جسد القديس العظيم ماسربل
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 7:12 pm من طرف البابا كيرلس

» يسوع باعت رساله لاولاده النهارده
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:59 pm من طرف البابا كيرلس

» ارجو الصلاه من اجل البابا
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:50 pm من طرف البابا كيرلس

» لماذا اختار المسيح ان يموت مصلوبا
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2012 6:41 pm من طرف البابا كيرلس

» هل يوجد حلال وحرام فى المسيحية
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 07, 2012 8:06 pm من طرف البابا كيرلس

» عارفة يعني إيه إحنا أصحاب ؟
يوحنا المعمدان 00000000 I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 8:51 pm من طرف Admin


يوحنا المعمدان 00000000

اذهب الى الأسفل

يوحنا المعمدان 00000000 Empty يوحنا المعمدان 00000000

مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 07, 2011 1:24 am


يوحنا وحياته
يقول ماكرتني في تحليله لحياة يوحنا المعمدان إن من أكبر البركات أن يأتي الرجل من أبويه زكريا وأليصابات، من البيت التقي، وهو يستشهد في ذلك بما فعله توماس كارليل عندما قدم طلبًا ليعين في وظيفة مدرس، وكان من ضمن البيانات عن مؤهلاته هذه العبارة : «لا أنسى أن أذكر أنه من امتيازاتي التي أتمتع بها، صلوات أبوين متدينين وهذه نعمة إذ لم أثبتها هنا فإني أكون جاحدًا» ولقد تحدثنا - في حديثنا السابق عن زكريا - عن امتياز البيت العظيم الذي نشأ فيه يوحنا، ومع أننا لا نعلم كم عاش هذان الأبوان، وكم علما يوحنا وربياه على الحق الإلهي، لكن يبدو أنهما سارا السنوات الأولى من حياته حتى مطالع الشباب، وقد كان الأبوان بحياتهما وخدمتهما احتجاجًا كاملاً على العصر الذي يعيشان فيه وقد تشرب فيه يوحنا من روحهما، وعاش حياته محتجًا بكل صلابه وقوة ضد أعمال معاصريه وفسادهم، ويجوز لنا إذا صح التعبير أن نعتبره «البروتستانتي الأول» في التاريخ المسيحي... على أي حال لقد نشأ الشاب في بيت عظيم تقي!
فإذا أضفنا إلى ذلك حياة العزلة التي عاشها في البرية : «وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل» (لو 1 : Cool ولكامبل مورجان هنا رأي يجدر الألتفات إليه والتأمل فيه، إذ أنه يعتقد أن يوحنا كان أصلاً من السلسلة التي تؤهله أن يكون كاهنًا، فأبوه وأمه يرجعان إلى الكاهن الرأس، وكان من المتعين عليه أن يسير في طريق الخدمة الكهنوتية والتي يبدأ الإنسان في التدريب عليها وهو في العشرين من عمره، ولكنه على غير العادة لم يتجه إلى هذا التدريب بل أدرك أن له رسالة النبي وليس الكاهن، ولعل أبويه حدثاه بالقصة كلها، وكيف أنه معد لرسالة خاصة، كان من واجبه أن يجهز نفسه لها، ولم يجد أمامه سوى البراري في العزلة مع الله، ليقضي عشر سنوات في التأهب والاستعداد والعبادة حتى تأتيه الدعوة لتحوله في الثلاثين من عمره، لا ليكون كاهنًا كما يلزم أن تكون خدمة الكاهن في الثلاثين، بل ليكون النبي الذي يعد لمجيء المسيح، وقد فعلت فيه العزلة ما تفعله في العادة في نفوس الكثيرين من الناس، إذ أهلته لحياة البساطة الكاملة التي لم تر في الثياب سوى سترة من عرى، وهو ليس في حاجة لأكثر من ثوب من شعر الإيل، ومنطقة من الجلد يشد بها حقويه، فإذا جاع فإن الجبال ممده بالجراد الذي يأكله، وبالعسل الذي يشتار منه ما يشاء! ولقد تخلص بذلك من أكبر شركين يسقط فيهما الجنس البشري منذ أول التاريخ إلى الآن، شرك الكسوة وشرك القوت، وفي الحقيقة لسنا في حاجة إلى أكثر منهما، «فإن كان لنا قوت وكسوة فنكتف بهما» (1تي 6 : Cool.. ولكن هل يفعل الناس هذا، وهم غارقون إلى ما فوق الرأس، في اللباس والشراب، يكفي أن نتأمل جنون الموضة والأزياء التي تتغير من عام إلى عام ويصرف فيها الناس ملايين الملايين لا لأجل الحاجة إلى الثياب، بل لمجرد الرغبة في تغيير الزي والمظهر، وماذا نقول عن بيوت الأزياء المنتشرة في عواصم العالم الكبرى، ومقدار ما تبذل من جهد لتحويل التيار في هذا الاتجاه أو ذاك، من التيارات السنوية أو نصف السنوية، في الصيف أو في الشتاء؟! إنه في الحقيقة نوع من الجنون البشري الذي ينطلق فيه أناس من غير وازع أو رادع! فإذا تحولنا إلى الطعام فالأمر قد يكون انكى وأشد، وإذا بالناس قد حق فيهم قول الرسول : «الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم» (في 3 : 19)..وكم تضيع حياة الناس وأبديتهم وبركتهم ومجدهم لأن الأم الأولى غيرت مسار التاريخ إذ أكلت الثمرة المحرمة! وما يزال إلى اليوم الكثيرون والكثيرات من أبنائها يفعلون هكذا، ولكن المعمدان نأي عن هذه الطريق بشقيها ونجا بحياة البساطة من شركي اللباس والطعام! كان فرانس الأسيسي يطلب من الناس أن يتحفظوا من الأثقال المادية التي تعوقهم عن السير الصحيح في الحياة، وكان يعتقد أن الضربة القاسية التي يصاب بها البشر هي حملهم متاع الدنيا على رؤوسهم وأكتافهم مما يعوق حركتهم الأجيال! ونجح هو في التخلص من ذلك ليصبح اسمه بين الخالدين في كل الأجيال.
وفي العزلة لا يعيش الإنسان حياة البساطة فحسب، بل لعله هناك أكثر تقيمًا للحياة وأعمق إدراكًا، إذ يتحرر من كل إغراء أو خوف بل يكون أكثر سرعة من سليمان في الوصول إلى النتيجة التي بحث عنها بعد أن بني جناته وفراديسه وطاف بموكبه العظيم في الحياة ليخرج بالقول الخالد المأثور باطل الأباطيل الكل باطل..... وقبض الريح! «ولنسمع ختام الأمر كله : اتق الله واحفظ وصاياه لأن هذا هو الإنسان كله»! (جا 1 : 2 و17، 12 : 13).. والحياة الزاهدة هي دائمًا حياة شجاعة، وكان يوحنا من أشجع الناس وأقواهم على الأرض، لم يكن قصبه تهزها الريح، بل كان البلوطة التي تتكسر الأنواء عند أقدامها، دون أن تتراجع أو تهتز، كان صلبًا في الحق، ولعله واجه الكثير من الوحوش في البرية دون أن يفزع أو يخاف، وقد فعل الشيء ذاته مع الأمة بأكملها، وهو يصيح في قادتها : «يا أولاد الأفاعي» وهو يزمجر كالأسد في مواجهة الملك : «لا يحل لك» وقد يستطيع السيف، أن يكسر جسده، لكن روحه لم تكسر قط، وسجل التاريخ شجاعته على أروع ما يكون التسجيل، ويصح فيه ما قاله ريجنت موراي وهو ينظر إلى يوحنا نوكس في كفنه عندما قال : «هنا يرقد الرجل الذي لم يخش في حياته وجه إنسان»
وفي كل هذا ينبغي أن ننسى العامل الأعظم في حياته، إنه الرجل الذي خرج إلى الحياة بعد أن امتلأ من الروح القدس من بطن أمه، أو في لغة أخرى أن الله استولى عليه من الطفولة، ولم تكن للشيطان الفرصة أن يصاحب حياته ردحًا من الزمن، كان الفارق بينه وبين سيده، أنه ولد من زرع بشر، وبالإثم صور وبالخطية حبلت به أمه، لكن الله مع ذلك قطع عليه الطريق منذ نشأته الأولى حتى لا يسير مع العالم، ومع الجسد، ومع الخطية، ومع الشيطان، ومع الأشرار من بني البشر، ولنا أن نتصوره بهذا المعنى الإنسان التقي المتعمق في تقواه، الذي يتحرك بروح الله المسيطر عليه إلى حد الامتلاء!!
ولا نعجب بعد هذا كله إذ نراه الإنسان الوديع الذي لم يغر من نجاح سيده أو تقدمه، بل هو صديق العريس القائل : «وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس. إذًا فرحي هذا قد كمل. ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» (يو 3 : 29 و30) ومع أن شهرته كواعظ طبقت الأفاق.. لكنه عندما سئل من الكهنة واللاويين : من أنت : «فاعترف ولم ينكر وأقر أني لست أنا المسيح. فسألوه إذاً ماذا، إيليا أنت. فقال لست أنا. أنبي أنت، فأجاب لا. فقالوا له من أنت لنعطي جوابًا للذين أرسلونا، ماذا تقول عن نفسك، فقال «أنا صوت صارخ في البرية» (يو 1 : 19-23)... وهنا يذكرنا ما كرتني بما فعل ندل فيلبس وهو يقف بجوار جون براون على قمة الجبل ويقول : كم من الناس يجاهد لكي لا يكون منسيًا بينما ينسى آخرون أنفسهم فنخلد أعمالهم، كان يوحنا المعمدان واحداً من أعظم الجنود المجهولين الذين كتب أمام نصب أقامه الأمريكيون لهم : «من كانوا؟ هذا لا يعلم أحد. لكن ماذا كانوا؟ هذا ما يعلمه الجميع!! ».
يوحنا ووعظه
ويوحنا كواعظ درس عميق خصب للوعاظ، ولعله ليس من السهل متابعته في كلمات أو صفحات إلا أنه يجدر بنا أن نشير إلى الحقائق الأساسية الثابتة في مركزة ورسالته كواعظ، أولا : إنه الواعظ المتأكد من دعوته إذ كان يعلم تمامًا العلم : «كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا، هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته» (يو 1 : 6 و7) كان قلبه وعينيه وأذنه مفتوحة لمعرفة الرسالة الإلهية ورؤيتها والتأكد منها، ومن ثم قيل عنه : «وشهد يوحنا قائلاً إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله» (يو 1 : 32 - 34). ونحن هنا نرى إنسانًا يرى بعينه، ويسمع بأذنيه، ويدرك بكل يقين أن هناك من أرسله، ... وهذه الرؤيا التي أعطته التأكد من الدعوة العليا له في المسيح يسوع !! ولعل هذا ما يحتاجه كل واعظ قبل أن يخطو خطوته الأولى في خدمة الله، إذ أنه إنسان مرسل من الله! ومهما تكن الخدمة بعد ذلك في طولها أو قصرها، وهل هي عامان، أو ستون عامًا، فالأمر سيان، ومهما انتهت بالشهادة أو الاستشهاد، فالأمر لا يتغير، وإنما المهم أنه واثق من أنه خادم الله ومرسل منه، وآه كم يغفل الكثيرون عن هذه الحقيقة، فلا يرونها في الوضوح الكافي، وينطلقون إلى الخدمة فاشلين لأنهم ذهبوا بهذا الدافع أو ذاك من عواطف الناس ونوازعهم.. كانت هذه الحقيقة ثابته بعمقها الكامل أمام يوحنا المعمدان، ولأجل ذلك قال «لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا إن لم يكن قد أعطى من السماء» (يو 3 : 27).. من اختبارات الكسندر هوايت في هذه الشأن أنه كان يخدم في كنيسة كبيرة توشك أن تنتخب راعيًا لها، وقد كانت الغالبية في الكنيسة معه، إلا أنه كانت هناك أقلية من ذوي النفوذ ضده، وفي يوم السبت وصلته رسالة أن يعطي الفرصة في الغد لواعظ آخر تتجه أنظار هذه القلة إليه، وعليه أن يعطيه فرصة صباح الأحد، ويعظ هو في المساء، وقد ضاقت نفسه إلى حد بعيد بروح هذه الجماعة وهي تفرض عليه هذا الأمر..،. ولعب الشيطان بنفسه، وهو غاضب ثائر، حتى وصل به الإحساس وكأنما السيد يخاطبه قائلاً : «ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك» (لو 22 : 32).. وبعد أن أنقضى يوم الأحد أخذ يناجي بنفسه قائلاً : «هل يكفيك المسيح نصيبًا حتى ولو لم تكن هناك جهنم تريد أن تنجو منها!.. وجاء الجواب : أجل!!.. ثم جاء السؤال التالي : لنفرض أن مركزك وسمعتك اهتزا، وأن آخرين سيتقدمون عليك، هل تقنع بالمسيح حتى ولو أخذ هؤلاء المركز الذي كنت تطمع فيه وتحلم به!! .. وكان الجواب : نعم! ووعظ في تلك الكنيسة آخر عظة له فيها... ومن العجيب أنه لم يأخذ هو أو الآخر رعاية تلك الكنيسة فقد رتبها الله لشخص ثالث.. ولكنه على أي حال غادرها إلى حيث رتب الله له مكانه ومركزه!! أيها الواعظ هل أنت على استعداد أن تكون هكذا وتذهب متأكدًا من الدعوة ومكانها حيث يريدك الله وعلى الدوام؟! لقد كان يوحنا المعمدان على يقين من دعوته!!.. على أن يوحنا كان أيضًا الواعظ الذي أدرك أن رسالته الحقيقية أن يظهر المسيح أما هو فيختفي!! كان في وعظه وخدمته الإنسان الذي يريد أن يتوارى ليظهر مجد السيد، وهو الذي يدفع الشعب بل وتلاميذه في الاتجاه إلى المسيح ولعل أجمل صورة لذلك ما قاله الرسول يوحنا في الإصحاح الأول من إنجيله : «وفي الغد أيضًا كان يوحنا واقفًا هو واثنان من تلاميذه فنظر إلى يسوع ماشيًا فقال هوذا حمل الله فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع» (يو 1 : 35-37).. إن قمة الوعظ الصحيح أن يصبح الإنسان مجرد صوت صارخ في البرية ليلفت النظر إلى يسوع، وإلى يسوع وحده!! سمع أحدهم الواعظين المشهورين جوزيف باركر واسبرجن، وخرج ليقول عن العملاقين العظيمين : إن جوزيف باركر يعطيني على الدوام الاحساس بالواعظ المقتدر، ولكن اسبرجن ينسيني كل شيء عنه ويوجهني للمسيح، كان باركر من أعظم الوعاظ المقتدرين الأتقياء وحسن أن يكون المرء مثله واعظًا مقتدرًا ولكن الأفضل والأحسن دائمًا - عند المقارنة - أن تكون كسبرجن الذي يوجهنا إلى يسوع المسيح لكي نراه وحده!!
كان يوحنا المعمدان أيضًا واعظ التوبة، الواعظ الذي صرخ في البرية بزئير الأسد، والزئير دائمًا يهز الأسماع ويحرك الجميع، ولأجل هذا تقاطرت الجموع نحو الواعظ الذي يعظ بأسلوب لا يعرف المداهنة أو التملق أو الحديث بالناعمات، بل الذي يكشف عن غضب الله على الخطية، وينادي بالتوبة لأنه قد اقترب ملكوت السموات، وهنا ينادي بصرامة الله للمتهاونين فيكشف عن السيد الذي يمسك الفأس بيده ليقطع الشجرة غير المثمرة، والرفش في يده ليعزل الحنطة عن التبن الذي يحرقه بالنار التي لا تطفأ وإذ يرتعب الجميع يقول لمن خرجوا ليعتمدوا منه : «يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي» (مت 3 : 7).. وهو إذ يرى شعبًا يعيش على الطقوس والفرائض والمظاهر الدينية الخارجية، يرعد فيهم ببطلانها جميعًا ويؤكد ضرورة الثمر. وليس التزرع بأنهم أولاد لإبراهيم : «فاصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة. ولا تبتدئوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبًا لأني أقول لكم إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم».. (لو 3 : Cool وقد صدق إذ أقام الله بنعمته من الأمم القساة القلوب أولادًا لإبراهيم! وقد تحدث عن التوبة العملية «وسأله الجموع قائلين فماذا نفعل فأجاب وقال لهم من له ثوبان فليعط من ليس له ومن له طعام فليفعل هكذا. وجاءه عشارون أيضًا ليعتمدوا فقالوا له يا معلم ماذا نفعل. فقال لهم لا تستوفوا كثر مما فرض لكم. وسأله جنديون أيضًا قائلين وماذا نفعل نحن. فقال لهم لا تظلموا أحدًا ولا وتشوا بأحد واكتفوا بعلائقكم» (لو 3 : 10-14).. على أنك تستطيع أن ترى يوحنا وقد بلغ الذروة، عندما تراه واعظ الصليب : «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يو 1 : 29) سيبقى هذا الواعظ مدى الأجيال والعصور الواعظ العظيم الذي تسلق من الإنجيل الاجتماعي أعلى قمة وهناك رأى هضبة الجلجثة، فوعظ بإنجيل الخلاص!! وعلينا أن نذكر هنا أن التوبة هي الجانب السلبي فقط من الحياة المسيحية، لكن قمة المسيحية هي في الإيمان بالمسيح مخلص العالم الوحيد! أيها الواعظ عندما عاد مودي من رحلته الناجحة لإنجلترا، كان أول عظة له بعد عودته عن الصليب، واستقبلته سيدة ثائرة قائلة : أليس لك غير هذا الموضوع! دائمًا تتكلم عن الدم، فقال لها مودى : أشكرك على الوصف الذي خلعتيه على، وأتمنى أن يكون هكذا دائمًا!! وإني اقرأ الإنجيل خطأ إذا لم يكن مفتاحه الصليب، دم المسيح!! كان هنري دارموند آية في الفصاحة والبلاغة، ولكنه في ضجعة الموت سمع أحدهم يغني إلى جواره أغنية الصليب!! فطلب إليه أن يعيد الأغنية، وأبدى إحساسه العميق بالألم لأنه رغم عظاته العظيمة، كان يتمنى أن يعطى الصليب في خدمته مكانًا أعظم وأوفى مما فعل!! ترى هل نفعل هذا قبل أن نأسف على الخدمة التي لم يكن لحمتها وسداها صليب ربنا يسوع المسيح مخلص العالم!!
يوحنا وشكه
وقد حرص الكتاب على أن يعطينا صورة الغيمة التي ارتفعت في سماء حياة المعمدان، وقد كان يوحنا سجينًا بسبب زجره للملك هيرودس على زواجه بهيروديا إمرأة أخيه، وكان هيرودس هذا هو هيرودس أنتيباس ابن هيرودس الكبير من زوجته الثالثة، والذي أصبح ملكًا على ربع مملكة أبيه، وهذا الربع كان الجليل وبيرية شرق الأردن، وقد تزوج هذا الملك ابنة أريتاس وكان ملكًا عربيا، غير أنه هجرها، وهو في روما إذ تعلق بهيروديا إمرأة أخيه وأخذها له زوجة، ومن الغريب أن هذه الزوجة كانت ابنه أخ اخر له اسمه ارستويولس، ولكن هيرودس طوح بكل هذه الاعتبارات وعاش معها، وقد أثار أرتياس عليه حربًا ضاربة انتقامًا منه لابنته، لكن فزع الرجل الأكبر كان من يوحنا المعمدان الذي قال له : «لا يحل أن تكون لك إمرأة أخيك» (مرقس 6 : 18) وبتحريض هيروديا قبض عليه وسجنه في قلعة مكاروس، حيث بقى يوحنا شهورًا عديدة هناك، وفي أعماق السجن، كانت انتظاراته معلقة على المسيح ليظهر سلطانه، وينقذه منه، ولكن يبدو أن الزمن طال، دون أن تظهر أدنى بادرة لنجاته، فأرسل إلى السيد اثنين من تلاميذه : «وقال له أنت هو الآتي أم ننتظر آخر» (مت 11 : 3). وقد حاول البعض بتفسيرات مختلفة القول بإن يوحنا عندما أرسل التلميذين لم تتعثر أفكاره في السيد، وإنما أرسلهما إما لينضما إلى تلاميذ المسيح. أو ليجنبهما العثرة التي يمكن أن تكون قد تسربت إليهما من بطء السيد في انقاذ يوحنا، أو ليطلب إليه محلفًا أن يسارع بإنقاذه!! غير أن كلمة المسيح التي تقول : «وطوبى لمن لا يعثر فيّ» تبين أن يوحنا كان في ذلك الوقت في أدق فترة ذهنية تجتازها نفسه وأفكاره... وأنه لم يدخل القلعة التي سجنه فيها هيرودس فحسب، بل دخل أكثر من ذلك إلى قلعة الشك التي صورها يوحنا بنيان في كتابه «سياحة المسيحي» والتي تعرض لها السائحون وهم ينحرفون عن طريقهم ليناموا في أرض غريبة، وفي اليوم التالي وقعوا أسرى لجبار اسمه «جبار البأس» الذي أسرهم وألقى بهم في ظلمات قلعة الشك!! والسؤال القائم هو هل شك يوحنا في شخص المسيح وهو الذي عرفه، ورأى روح الله نازلاً مثل حمامة عليه، وسمع صوت الله القائل : «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت» (مت 3 : 17) وهو الذي شجع تلميذيه على أن يذهبا وراءه. وقال : «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم»، فهل يمكن بعد هذا أن يشك في السيد!!؟ إن دراسة يوحنا من هذا الجانب أمر قد يفيد كثيرًا النفوس المتعبة المجربة!!.
في الواقع إن يوحنا تسرب الشك إلى نفسه، وهو صورة لنا نحن الذين رغم ما يصنع الله معنا من معجزات متعددة ملموسة. فإن الفرق عندنا بين زمن الشك واليقين، هو الفرق الذي رآه بطرس وهو ينظر إلى المسيح ويسير مثله فوق الموج، الأمر الذي لم يفعله بشرى آخر خلاف السيد وتلميذه، ولكنه في اللحظة التالية يتعرض للغرق ويسمع : «يا قليل الإيمان لماذا شككت» (مت 14 : 31)... ويوحنا هنا أشبه بإيليا فوق جبل الكرمل، وهو يسمو إلى أعلى ذرى الإيمان، ثم يتحول بعدها في اليوم التالي إلى الرجل اليائس الذي يطلب الموت لنفسه تحت الرتمة!! إنها القصة الغريبة للنفس البشرية التي ترتفع إلى أعلى جبال الإيمان، ثم لا تلبث أن تسقط في وهاد الشك القاسية!! فإذا حاولنا أن نحلل أسباب هذا الشك، فإننا نجده أول كل شيء، يرجع إلى عامل الخطية، والخطية هي العامل الأول في جهل الإنسان والحاده وشكه ووساوسه، ولكن شك يوحنا لم يكن بسبب خطية تحولت إلى غيمة تظلل على إيمانه بالسيد ويقينه بشخصه، إن البعض يعتقد أن الشك ربما كان بسبب الفراغ الذي فرض على يوحنا في سجنه، والفراغ دائمًا يولد الشك، ورأس الكسول معمل الشيطان، على أنه مهما كان الفراع هنا مساعدًا على الوسوسة الذهنية، إلا أن يوحنا كان الأغلب قد تسرب إليه الشك لأنه كان ينتظر المسيح بالمفهوم اليهودي الشائع الذي ينظر إليه كملك أرضي يمسك فأسه ليستأصل الشجرة، أو رفشه في يده لينقي الحنطة، ويلقي بالتبن إلى النار، وهو لابد سيخرج للقضاء على الفساد والمفسدين، ويستأصل هيرودس وشره وفساده بالقوة الجبارة، وما أكثر الذين يطلبون المسيح إلى هذا اليوم بهذا المعنى، فإذا لم ينتقم، ويسيطر على الفساد والأشرار، فإنهم يتعثرون فيه، وإذا لم يحرق مدنًا بأكملها، فإن سؤال يوحنا يستيقظ على لسانهم «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر»!! بل إن يوحنا ولاشك كان يتملكه العجب كيف يتركه المسيح مظلومًا إلى هذا الحد، دون أن يهتم به، وبقضيته على وجه الخصوص!! ولعله تحول إلى آساف آخر قبل أن يدرك مصير الخطاة الأشرار ليقول : «غرت من المتكبرين إذ رأيت سلامة الأشرار» (مز 73 : 3) كيف لا وهيروديا تعبث وتضحك وتعربد، وهو سجين والمسيح يقف صامتًا تجاه معركة الخير والشر!! دعا شاب زميله المسيحي ليذهب معه في عمل تجاري، ورفض المسيحي الذهاب، لأن التجارة المشار إليها، كانت محاطة بالشبهات والتجارب، وسخر الداعي من زميله وذهب، وأثرى وأخذ الكثير من المال، وأرسل الثاني إلى راعي الكنيسة وهو يتساءل : ما الفائدة من أن الإنسان يتمسك بالحق والبر والاستقامة إذا كان الشر ينجح بهذه الصورة في الأرض؟!
قد يسهل على الإنسان أن يصبر بعض الوقت، ولكن إذا طال الزمن دون أن تتغير الأوضاع، ويفتح باب السجن ويوضع الظالم مكان المظلوم، والمذنب مكان البريء، والشرير مكان المؤمن!! فلابد أن يكون السؤال «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟!»
على أنه مهما كان شك الرجل، فمن الحق أن نذكر أنه عاش داخل السجن دون أن يتخلى عن مبادئة التي يؤمن بها، سواء كان في السجن أو خارج السجن، فالحق حق، والأمانة أمانة، والشرف شرف مهما تتغير الأجواء وتتبدل الظروف وتتلون الأحوال، والفضيلة في حد ذاتها مجد وثواب حتي ولو كانت داخل السجن، ولابد أن تنال جزاءها في الحاضر وفي المستقبل أيضًا، وهو سينتظر وينتظر : «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر» وهو يرسل تلميذيه إلى المسيح، ولا يرسلهما إلى هيرودس للمساومة على الحق!!..
على أن الرجل أعظم من ذلك، فعندما أحاط به الشك، أرسل إلى المكان الوحيد الذي ينبغي أن يرسل إليه، إذ وجه سؤاله إلى المسيح نفسه!! إنه يذكرنا بفريدرك وليم ربرتسون الواعظ الإنجليزي العظيم الذي اجتاز محنة شك كبيرة، وهو يؤمن أن الحق حق ولا يمكن أن يتحول باطلا، وأخذ يؤدي واجبه الديني بأمانة، حتى انجابت عنه الظلمة القاسية!! لم يضق المسيح بشك يوحنا، لأن المسيح يحب الاخلاص، ويقبله أكثر من كل تصنع للإيمان، وقد أرسل إلى المعمدان يحدثه برسالته الروحية العميقة : «العمى يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر فيّ» (مت 11 : 5 و6) وأدرك يوحنا المغزى البعيد العميق من هذا الجواب. وأن القوة الصحيحة هي قوة الروح لا ثورة العاصفة، وهدوء النور لا صوت الرعد!! وسكنت نفسه وهدأت كيفما يأتي المصير شاهدًا أو شهيدًا!..
يوحنا وعظمته
لم تنته القصة عند هذا الحد، إذ وقف المسيح ليشهد عن يوحنا أعظم شهادة يمكن أن تصدر عن إنسان!! وقد نحى السيد جانبًا كل عظمة عالمية يهرع إليها الناس، سواء في قصور الملوك أو بيوت العظماء، وذلك لأن هذه العظمة تتصف عادة بالسمات التي تفقدها كل جلال ومجد، فهي عظمة ظاهرية، مهما يبدو الظاهر فيها فإن الداخل مرعب ومريع، ويكفي أنه في أيام يوحنا كان المتربع على عرش روما طباريوس قيصر الذي أرسل إلى السناتو يقول : إنه لا يوجد في الوجود من هو أتعس منه! كما أن جميع أصحاب السلطان في ذلك التاريخ الذين اشتركوا في قتل المعمدان أو في صلب المسيح، بما فيهم بيلاطس وهيردوس وقيافا وحنان،، ماتوا أشر ميته وأقساها! وهي عظمة ملطخة بالوحل والعار والحقارة، وقد صور بعضهم عذابات هيرودس، وهو يستمع إلى كلمات المعمدان التي قبلها لفترة ما بالبهجة : «لأن هيرودس كان يهاب يوحنا عالمًا أنه رجل بار وقديس وكان يحفظه. وإذ سمعه فعل كثيرًا وسمعه بسرور» (مرقس 6 : 20).. وقد قيل إنه حاول في بعض الأوقات أن يتخلص من هيروديا، وهو يلعن الساعة التي ذهب فيها إلى روما، وتعلق بها هناك، لكنه كان يضعف بعد ذلك أمام أغرائها وتجربتها! وفي لحظة عربدة ورقص وسكر قتل الرجل الذي نصحه، ولعله لعن نفسه، بعد ذلك آلاف المرات! على أي حال إن عظمة العالم الكاذبة الوقتية الشريرة هي العظمة التي لا تساوي مجرد اسمها، ويلفظها يسوع المسيح ويرفضها!
على أن المسيح وهو يتحدث عن عظمة المعمدان، وأنه لم يقم بين المولودين من الناس أعظم منه، كان ولا شك يشير إلى عظمته الروحية، والأخلاقية، وهي الجديرة بأن يبدأ الإنسان بها في الصعود على درجات السلم السماوي إلى المجد العظيم، ولكنها مع ذلك ليست هي بيت القصيد في عظمة يوحنا! وذلك لأن المسيح لم يقارن، أخلاقيًا أو روحيًا بين يوحنا وبين غيره من القديسين أو أنبياء العهد القديم، لكن لباب العظمة التي تفرد بها يوحنا والتي جعلته أعظم من نبي، هو الرسالة التي كلف بها والتي لم ينل نبي آخر مثلها! لقد وقف هؤلاد من وراء القرون يتحدثون عن مشتهى الأمم ورجاء العالم، وكان ملاخي آخرهم على بعد أكثر من أربعمائة عام، أما يوحنا فقد رآه، ونادى قدامه، وتحدث عن الملك العظيم القائم في وسط شعبه، وذلك حظ لم يصل إليه آخر، ولم يشرف به نبي سواه، لقد انفرد يوحنا بهذا المركز العظيم الذي لم يتح لأحد من المولودين من النساء، والذي سما به على أعظم نبي في العهد القديم.
ويزداد هذا الفهم تأكيدًا ورسوخًا متى كان الأصغر في ملكوت الله أعظم منه، ومرة أخرى ليس هذا على أساس الحياة الروحية والأخلاقية، التي يختلف فيها إنسان عن غيره من المؤمنين في العهد الجديد، لكن الأمر يتعلق بمركز المؤمن في العهد الجديد، الذي أعطاه امتيازًا لم يعرفه أبطال العهد القديم وكان آخرهم يوحنا! ولقد صوره الكسندر هوايت بصورة بارعة عندما تخيل المعمدان وهو يقول لتلميذيه : «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» ويذهب التلميذان، ولا يذهب يوحنا معهما، وإذ يطلبان منه أن يأتي معهما، يجيب اندراوس وبطرس ويعقوب ويوحنا قائلاً : «لا اذهبوا أنتم فأنا لست مستحقًا أن أدخل معه تحت سقف واحد وسأبقى حيث أنا، وسأودي عملي عند الأردن، وسأنادي بالتوبة، أما هو فسينادي بالغفران، وملكوت الله سيأتي قريباً، ولكنني لن أعيش لكي أراه، لن أعيش لأرى تابور، والجلجثة، وجبل الزيتون، ويوم الخمسين مثلكم، هو وأنتم تلاميذه ينبغي أن تزيدوا، وأنا أنقص! هذا الخيال العظيم يكشف عن امتياز المؤمنين في العهد الجديد، عن أولئك الذين سبقوا في العهد القديم.
ذهب يوحنا شهيد الحق آمنًا هادئًا مطمئنًا، وقد تلقته ذراع ذاك الذي ضمه إلى مجده الأبدي! ومع أن هيرودس قطع رأسه إلا أنه عندما سمع عن يسوع فزع وارتعب، وقال : «هذا هو يوحنا المعمدان الذي قطعت أنا رأسه إنه قام من الأموات» أجل! لقد مات يوحنا ودفنوا جسده، ويقول التقليد إن رأسه عندما أرسل إلى هيروديا على طبق فتحت فمه وقطعت لسانه!
ولكن هل سكن صوته وانتهت كلمته، كلا بل إن صوته سيبقى مجلجلاً على مدى العصور كلها حتى يأتي المسيح ثانية ويعطي كل واحد حسابًا عن نفسه : «لأنه لابد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرًا كان أم شراً» (2 كو 5 : 10)!

Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 216
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
العمر : 31

https://class2010.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى